علي احمد عباس يكتب: شريان الشمال من واقع تجربة عملية

الخرطوم الحاكم نيوز

كانت لي مع طريق شريان الشمال تجربة عملية قبل سنوات خلت كنت أسافر فيه بواقع مرة كل شهرين حتى الكيلو (328 )حيث اترجل عند دبة الفقراء لتفقد مزرعة صغيرة تملكها الأسرة وكنت أيضا أزور بعض ممن تبقى من الاهل في امبكول.
ومن خلال تلك الرحلات الماكوكية الراتبة في هذا الطريق على مدى اربع سنوات جيئة وذهابا أكاد اكون قد حفظت جغرافية ومسار هذا الطريق عن ظهر قلب ورسخت في ذهني حوله ملاحظات جوهرية مهمة تستدعي المراجعة العاجلة لتدارك ما سينجم عنها من اخطار على سلامة مرتادي هذا الطريق، وتصبح الحاجة اكثر الحاحا بعد أن بات الطريق مسارا للشاحنات الكبيرة القادمة من مصر لان تصميمه لا يتناسب مع مثل هذه الشاحنات ذات الأحمال التي تفوق طاقته التصميمية.
ان سير هذه الشاحنات في هذا الطريق بتلك الكثافة الحادثة الآن نلحظ انها أدت بالفعل الي زيادة تصدعه الذي بات ظاهرا للعيان نتيجة لغياب الصيانة الدورية لفترات طويلة.
ومن الملاحظات المهمة التي لا بد من التنبيه إليها الرمال الزاحفة على الطريق(جليد الشمالية) والتي أصبحت تشكل خطورة كبيرة على مستغلي الطريق وتسببت في كثير من الحوادث اودت بأرواح كثير من الناس. حقيقة أن مراقبة وإزالة ووقف زحف هذه الرمال التي تحملها الرياح الي مواقع كثيرة من الطريق تحتاج إلى إمكانيات مالية و بشرية وفنية وربما تكنولوجية للرصد والانذار خاصة عند حلول الليل والظلام برغم وجود بعض العلامات الفسفورية المضيئة من المعالجات التي يمكن استخدامها لوقف زحف الرمال على الطريق عمل ما يسمى مصدات الرياح من بعض الأشجار مثل شجر البان ولكن أيضا هذه عملية مكلفة.
الطريق قطعا ولا جدال في ذلك قدم ولا زال يقدم خدمات جليلة لأهل الشمال في النقل للسلع والبضائع والمنتجات الزراعية والترحيل للافراد وربط المناطق ببعضها مما يسر سهولة التواصل بين اهل تلك المناطق الشمالية من السودان.
ونحن لا نبخس الناس اشياؤهم فلا بد من شكر من قاموا بإنجاز هذا الطريق حتى أن كانوا من اهل الإنقاذ وفي عهدهم وكذلك شكر كل من أسهم في تمويله ومنهم كثير غير انقاذيين.
ان طريق شريان الشمال على الرغم من الفوائد الكثيرة التي جلبها الي أهلنا في الشمالية الا ان عددا من الخبراء والمهندسين والفنيين المتخصصين في انشاء الطرق بعد اشادتهم بمبادرة انشائه والتأكيد على أهميته و جدواه الا انهم أيضا اشاروا الي جملة من الأخطاء الهندسية في التصميم وعيوب في التنفيذ اذكر منها على سبيل المثال تدني ارتفاع الطريق مما يتسبب في غمره بسهولة بمياه السيول والامطار وكذلك كثرة المنعرجات والمنحنيات في الطريق وما تسببه من خطورة عند السفر ليلا ويتمثل العيب الأكبر في الطريق ضعف سمك طبقات الخرسانة الترابية والاسفلتية وكانت اقل من النسب والمعدلات القياسية المستخدمة في الطرق السفرية المماثلة مما أدى إلى تصدع الطريق في كثير من المواقع بعد أن زالت تلك الطبقات بمرور الزمن وبكثافة استغلال الطريق. فظهرت الحفر باحجام وكميات كبيرة شكلت خطورة كبيرة وكانت سببا رئيسا في كثير من الحوادث التي وقعت عند محاولة السائقين تفاديها، واشاروا الي ضرورة إجراء الصيانة الدورية للطريق لاصلاح ومعالجة التشوهات والتصدعات التي تحدث فيه وذلك باستخدام المبالغ الكبيرة من عائدات رسوم عبور الطريق والتي يتم تحصيلها في نقاط عدة.
واخيرا نقول ان ما يدور من لقط وما يتادوله الناس من أحاديث حول ما واكب انشاء طريق شريان الشمال من اخطاء فنية او تجاوزات مالية او فساد كما رشح في الأسافير الا ان الحقيقة تبقى ماثلة ويجب أن تقال أن هذا الطريق قد طوى المسافات البعيدة التي كان يقطعها اهل الشمال ليصلوا الي أهلهم وادي الي رفع المعاناة التى كانوا يكابدونها في الحل والترحال قبل انشاء الطريق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى