تأملات – جمال عنقرة – سد النهضة .. الله ينصر دينك ياسر عباس

الخرطوم الحاكم نيوز
لم يجمع السودانيون علي وزير في الزمن القريب مثلما أجمعوا علي البروفيسور ياسر عباس وزير الموارد المائية، والبروفيسور ياسر وزير مهني من الطراز الأول، ولا ينظر الناس لأي إنتماء له سوي مهنيته وعلمه، وخبراته المتراكمة التي ميزته علي كل الوزراء، سواء الذين زاملوه في هذه الحكومة المنتهية ولايتها، أو الذين سبقوه في وزارة الموارد المائية التي يتولي أمرها، ولعل إدارته المميزة لملف سد النهضة هي التي جعلت السودانيين يجمعون عليه، لذلك عندما رشحت أخبار مؤكدة تفيد استمراره في مقعده الوزاري لم يستغرب أحد، بل كان الرأي العام أن هذا هو الوضع الطبيعي لوزير مثله، تفوق علي أقرانه، وعلي كل الذين سبقوه.
أهم ما فعله البروفيسور ياسر عباس أنه صحح وضع السودان في مفاوضات سد النهضة، ليس بالنسبة للآخرين فقط، ولكن حتى بالنسبة للسودانيين أنفسهم، فالناس كانوا ينظرون إلى السودان في مسألة السد، وكأنه وسيط، وليس طرفا أصيلا، وكانوا يقيمون مواقفه حسب قربها أو بعدها من الموقفين المصري والأثيوبي، فمصر كانت تريد للسودان أن يدافع عن مخاوفها، وتلحق مخاوفه بمخاوفها، وإثيوبيا كانت تريد له أن يتبني مصالحها، وتلحق مصالحه بمصالحها، وللأسف الشديد فإن سودانيين كثر كانوا ينظرون ذات النظرات المائلة، فالذين يقترب وجدانهم من مصر لا يرون في سد النهضة شيئا سوي مهدداته لسلامة مصر، ومعها ضمنا سلامة السودان، والغاضبون من مصر، لا يرون في السد غير المنافع التي تجنيها إثيوبيا، ويمكن أن نجني بعضا منها في طرفها، ولقد كتبت كثيرا قبل ذلك حول هذه النظرة القاصرة، وقلت دعونا نفكر في مصالحنا ومخاوفنا، ولندع مصر تتبني الدفاع عن وجهة نظرها في ما تراه من مهددات لها من قيام السد، ولتتبني إثيوبيا الدفاع عن مصالحها، فنحن لسنا أحرص من مصر علي سلامة أرضها، ولا نعرفها أكثر منها، ولسنا كذلك أحرص علي مصالح إثيوبيا، ولا نعرفها أكثر منها. فلقد استطاع البروفيسور ياسر عباس بما له من معرفة ودراية أن يردنا إلى الموقف الصحيح، نتبني مصالحنا ومخاوفنا، وليتبني الآخرون قضاياهم.
مسألة أخري مهمة في مفاوضات سد النهضة وكانت بحاجة إلى تصحيح مسار، ألا وهي ضعف الجانب الفني في المفاوضات، فكانت المفاوضات تدور بشكل أساسي في المسائل القانونية والسياسية، وهذا ما رفضه الوزير العالم الخبير البروفيسور ياسر عباس منذ الوهلة الأولي، فكانت دعوته علي الدوام من أجل التركيز علي الجوانب الفنية، وعلي دور الخبراء، ولما دخل الإتحاد الإفريقي راعيا للمفاوضات، ركز البروف ياسر علي دور خبراء الإتحاد، ولما لم يعر الآخرون رأيه الاهتمام الذي يستحقه لم يتردد في الإنسحاب من المفاوضات التي اعتبرها بهذا الشكل مضيعة للزمن.
ولما أصرت إثيوبيا علي موقفها، وخاطبت السودان ومصر، والإتحاد الأفريقي معلنة استمرارها في ملء السد في الخريف القادم دون الإلتزام والتقيد بإخطار السودان ومصر بذلك، كان للوزير البروفيسور ياسر عباس موقف واضح وقوي وصريح، وخاطب السودان الاتحاد الأفريقي بهذا الموقف الرافض للتعنت الإثيوبي، ولابد أن نؤكد على أن هذا الموقف السوداني ليس له أي علاقة بأحداث الشرق، وما جري ويجري في منطقة الفشقة، وعلي الحدود السودانية الإثيوبية، كما أن موقفنا الداعم لهذا الموقف الذي يتبناه ويقوده وزير الموارد المائية والري البروفيسور ياسر عباس، ليس له أي علاقة بوجداننا المصري الهوي، ولكنه الحرص علي مصالح السودان اولا وأخيرا، وأقولها بملء الفم لو أن إثيوبيا اتخذت موقفا في سد النهضة يحقق مصالح السودان، ويبعد عنه كل المخاطر والمهددات، ووقفت مصر موقفا مغايرا لذلك، لن أتردد لحظة في دعم الموقف الإثيوبي علي حساب الموقف المصري، ولكننا اليوم نجد مصالحنا كلها تتجسد في الموقف الذي يتبناه الوزير السوداني، وموقفه هو الذي يحصن بلدنا من المخاطر، ونحن نثق فيه، وفي علمه، وامانته ووطنيته، فعندما يقول بروف ياسر أن سد النهضة يشكل خطرا كبيرا علي خزان الروصيرص، فإن سد النهضة يشكل خطرا وتهديدا لخزان الروصيرص حتى لو لم يقل بروف ياسر أن سعة خزان الرصيرص أقل من 10% من سعة سد النهضة، ولك أن تقدر حجم الأضرار المحتملة، والرأي عندنا ما قال به ياسر عباس، فنحن جميعا له سند وعضد، ونقول له (الله ينصر دينك ياسر عباس)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى