تأملات – جمال عنقرة – الشهادات الأمريكية .. ومؤامرة تحطيم السودان (3)

الخرطوم الحاكم نيوز
نقلت في ختام مقال الأمس ما أورده السيد بول كريق روبرت مساعد سكرتير وزير الخزانة الأمريكي في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، في شأن التضييق الاقتصادى علي السودان بعد انفصال الجنوب للحد من تصاعد معدل النمو الذي كان قد وصل إلى 11% قبل الإنفصال، وكان السيد بول قد ذكر مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية لتحطيم مقدرات السودان الإنتاجية والتنموية، حتى أن معدل النمو انخفض من 11% إلى 3% فقط، ولما لم يبق للسودان ما يصدره سوي الذهب الذي صار يشكل المورد الوحيد تقريبا للعملات الأجنبية سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض حظر علي صادرات السودان من الذهب بادعاء أنها تذهب إلى تمويل الإرهاب وفي تأجيج نيران الصراعات القبلية، وأثبت السيد بول في دراسته أن الذهب في السودان كان يستخرجه في ذاك الوقت عموم المواطنين من الشعبيين، وأكثر الذين يفعلون ذلك ليست لديهم علاقات مع الحكومة، ولا مع السياسة، وأوشكت الحملة الأمريكية أن تنجح لولا أن تصدت لها الصين وروسيا في مجلس الأمن.
لا يخفي علي أحد الدور الأمريكي الواضح في إسقاط نظام الإنقاذ، وأمريكا لم تسع لإسقاط الإنقاذ لتوجهاتها الإسلامية كما يزعم كثير من الانقاذيين، ولكن إسقاط الإنقاذ كان مجرد محطة ضمن رحلة طويلة ممتدة لتحطيم السودان، وليس ذلك بالطبع لأن الإنقاذ كانت تقف في وجه هذا المشروع، فكثيرون من المحسوبين علي الإنقاذ لم يكونوا ضد أي مشروع أمريكي في السودان، حتى لو كان ذلك يتعارض مع كثير من الثوابت الدينية والوطنية، بل إن قيادات انقاذية معروفة كان لها إسهام في إسقاط نظامهم، ولكن الغاية الأمريكية من إسقاط الإنقاذ بهذه الطريقة كانت التمهيد لتحقيق الضربة القاضية المميتة لأي أمل في أن ينهض السودان، ويحقق طموحات أهله وشعبه وجيرانه، ولقد استطاعت أمريكا أن تستخدم كل القوي والوسائل لتوجيه الثورة السودانية لخدمة هذا الهدف الاستراتيجي، ولقد تمكنوا – وببراعة شديدة – من استخدام حتى خصومهم من الإسلاميين والشيوعيين لتحقيق هذا الهدف، ولعل هذا هو السبب وراء تغير مواقف كثير من قوي الثورة الذين شعروا أنهم قد كانوا مطية لغيرهم، ولهذا السبب عض الشيوعيون أصبع الندم، وعضه بعض الإسلاميين عشرات المرات.
وأول ما فعله الساعون لتحطيم السودان، وتوجيه ثورته المجيدة لخدمة هذا الغرض الماكر، أنهم فرقوا بين مكونات الثورة الأصيلة المتمثلة في التيار الشعبي الجارف الذي كان ينادي بالتغيير، وبين القوة العسكرية بكل مكوناتها التي انحازت للتغيير، وكما هو معروف فإن الشعب السوداني لم تكن لديه أي مشكلة مع الجيش، فالجيش السوداني لم يحدث له مطلقا أن اعتدي علي حريات الشعب في أي شكل من أشكالها، بل هو الجيش الوحيد في المنطقة الذي ظل ينحاز إلى كل الثورات الشعبية، وهو الجيش الوحيد الذي ظل يقاتل لنصف قرن من الزمان من أجل وحدة وسيادة الوطن، ودليل مودة واحترام وثقة الشعب في الجيش، أن مواكب ثورة ديسمبر المجيدة التي خرجت لإسقاط نظام الإنقاذ الذي كان يحكم باسم الجيش توجهت تلقاء نحو القيادة العامة للجيش، وظل الثائرون يهتفون بصوت واحد ونغم واحد (شعب واحد جيش واحد) وكان الجيش عند حسن ظن الشعب، واستجاب للنداء، واستولى علي السلطة لصالح الشعب، وهنا ظهرت المؤامرة الخفية، وعلي قول اخواننا المصريين (المستخبي بان) فنسي الناس هتافهم الذي أسقطوا به نظام الإنقاذ (شعب واحد جيش واحد) ورفعوا الشعار الذي يهدفون من ورائه دق اسفين في نعش تماسك ووحدة الثورة السودانية، فرفعوا شعار (مدنياااااااااااو) وهو شعار هدفه الوحيد ضرب أكبر مكون ضامن لوحدة وتماسك، ونهضة السودان، المتمثل في المؤسسة العسكرية السودانية التي يمثلها الجيش السوداني، (جيشنا جيش الهناء الحارس مالنا ودمنا)
لم تقف المؤامرة علي الوطن عبر استهداف الجيش عند حد رفع شعار المدنية، ولكنهم تمادوا في قيادة حملة استهداف منظمة لكل المنظومة العسكرية، ولم يراعوا في ذلك إلا ولا ذمة، ولقد فضح التسجيل الكامل للفريق الأول ركن شمس الدين كباشي حول فض الاعتصام هذه الأكاذيب، فلقد كشف التسجيل الكامل أنه ذكر انهم وجهوا بفض اعتصام منطقة كولومبيا، ولكنهم حذفوا اسم (كولومبيا) ليظهر الحديث وكأنه توجيه لفض اعتصام القيادة العامة، وظلوا يروجون لهذا القول المبتور باعتباره دليل إدانة للعسكريين في فض الاعتصام، وآخر محاولاتهم لشيطنة العسكر ما ظلوا يروجون له من اتهام لشرطة شرق النيل بأنها مسؤولة عن أحداث جسر المنشية، ثم أخرجوا قبل أيام خبرا يوحي بأن إجراء قد اتخذ ضد مجموعة شرطة شرق النيل، وكأن الإدانة قد ثبتت عليهم، ونسبوا الخبر إلى جهة ليست هي صاحبة القرار في ذلك.
نواصل بإذن الله تعالي

‫2 تعليقات

  1. اشتم في هذا المنبر رائحة خبث على ثورة ديسمبر العظيمه…اتمنى من منبر الحاكم أن يكون صوت الشعب السوداني الذي لفظ كل ما له علاقة بعهد الظلاميين..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى