صلاح مناع: هناك تقصير من النيابة العامة ويجب تغذيتها بدماء جديدة

داخل المجلس التشريعي لولاية الخرطوم اختار القيادي بقوى الحرية والتغيير عضو لجنة ازالة التمكين الدكتور صلاح مناع لنفسه مكتباً هناك، حيث مقر اللجنة التي تعكف على مراجعة الملفات وإصدار القرارات، وفي الخاطر تطوف بعض ذكريات من مشاهد النظام القديم تحت مبنى المجلس العتيق، فبالامس القريب كانت الإنقاذ وكان محمد الشيخ رئيساً للتشريعي، واليوم يتبدل المشهد ويسكن المكان آخرون، وهي سنة الله في كونه، واكد مناع لـ (الإنتباهة) أن اللجنة ماضية في عملها رغم ما تواجهه من حرب. وعلى الرغم من انتماء مناع الشديد لحكومته الا انه شن هجوماً عنيفاً عليها معتبراً اداءها دون طموح الشعب والثورة، مشدداً على ان البلاد بحاجة لوزراء بخبرات وليس منظرين، داعياً رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى تصفير العداد، وإحداث تغيير كبير في الطاقم الوزاري في الأيام المقبلة، في وقت اعتبر فيه النيابة العامة مقصرة حيال التعامل مع المفسدين من أفراد النظام السابق، وطالب بتغذيتها بدماء جديدة، وذكر أن الملفات بحاجة الى جهات عدلية جادة لفتحها ومحاكمة الناس. ودعا الى ان يكون هناك تجرد للاجهزة العدلية، وان تعمل باخلاص من اجل الوطن… والمزيد من التفاصيل في سياق الحوار التالي:

] دعني ابدأ معك بآخر تصريح لرئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، تم نفيه من قبل الحركة الذي وصف لجنة إزالة التمكين بالجسم الشائه وغير القانوني، وتتغول على سلطات القضاء، وتقضي على أحد أهم شعارات الثورة وهي العدالة، مطالباً بحلها فوراً وترك الأمر للجهات العدلية.. كيف نظرت إلى هذا الحديث الذي يتفق معه البعض ويرون ضرورة حل اللجنة؟
ــ اولا حركة العدل والمساواة اخرجت بياناً ونفت عبره ما ذكرته جملة وتفصيلاً. وهذه حرب مغرضة يقوم به منسوبو النظام السابق في محاولة لـ( دق اسفين) بيننا وبين القادمين للسلام، وهذه حرب كبيرة جداً وفيها كل الادوات المحرمة ويتم استخدامها لزرع الفتن بافتتان اياً كان نوعه، واذا لم ينتبه الناس الى هذه المسألة يمكن ان يقودوا المواطنين الى مسائل مغلوطة جداً، وتصبح هناك مفاهيم ونوع من المشاكسة التي كانت تحدث في السابق. وخطورة المسألة هذه تكمن في انتشار الوسائط والمادة بسهولة، وانا اعتقد انه يجب تفعيل قانون المعلوماتية لتجريم مستخدمي الحسابات المجهولة لخلق دعاية، وجميع الشائعات الموجودة الآن مصنوعة صناعة مرتبة جداً وباموال الشعب السوداني التي تم نهبها قبل (30) عاماً.
] لماذا اي انتقاد للجنة يعني أنه استهداف لها، فهناك من انتقدوا عمل اللجنة وهم قانونيون لا يمتون للنظام السابق بصلة؟
ــ اولاً اللجنة قانونية، وهي تعمل وتراجع كل الملفات ولكنها لا تتراجع، واذا حدث خطأ واحد في المئة في العمل تتم مراجعته.
] ما يؤخذ على لجنة التمكين أنها تتعامل مع الملفات بصورة شخصية؟
ــ هذا حديث عار من الصحة، فنحن ذهبنا لديوان المراجع العام واطلعنا على التقارير التي كان يشير إليها المراجع لعام في تقاريره كل عام وتنتهي في اضابير البرلمان، ورأينا لجان الفساد والمفوضيات التي كونها النظام الذي فشل في محاكمة نفسه، وآخر تجربة كانت هي تجربة جهاز الامن والمخابرات الذي قام بإنشاء وحدة مكافحة الفساد بالاتيان بملفات فساد كثيرة جداً بجرائم ثابتة، ولكن رأس النظام كان متورطاً في جميع المسائل، فتم انهاء عمل الوحدة بشكل واضح وفاضح، وهذا دليل على ان النظام لم يكن على قدر من الجدية في محاربة الفساد، وانا اعتقد ان اللجنة لديها ملفات وورثت بعض الملفات الموجودة، فقط نحن ازحنا عنها الغبار.
] يعني الملفات ليست صنيعة اللحظة؟
ــ إطلاقاً.. هذه ملفات ليست وليدة اللحظة وليست جديدة، والناس يعرفون ان الازمة الموجودة في البلاد والوضع الحاصل موروث، وهو تراكم لفساد ثلاثين عاماً مضت، وانا اعتقد ان النتيجة الطبيعية هو ما يحدث الآن، واقول لكل من يرى اننا نتعامل مع الملفات بصورة شخصية، انه على العكس هذه ملفات قوية وموجودة ومثبتة، وتم انهاء قطاعات كبيرة جداً في الدولة امثال الناقل الوطني والسكة حديد والناقل البحري، وكلكم تعلمون. ولا اعتقد ان هناك من لا يعلم عن الفساد الموجود طيلة الثلاثين عاماً، وقد كان ممنهجاً من خلال التمكين الذي قام به نظام الجبهة الاسلامية منذ عام 89م، ولذلك ليست هناك اهداف شخصية او استقصاد لاشخاص بعينهم، بقدر ما انها ملفات موجودة فى النيابات، واقولها بصوت عال ادراج النيابات مليئة بالملفات ونحتاج لعشرات السنين لازاحة الغبار عنها لكثرتها وتكدسها، والمعلومات موجودة، حتى ان النائب العام ذكر قبل ذلك أنه لا توجد ملفات للفساد، ولكن هناك ملفات كثيرة ومثيرة ومعظمها وصل النيابة وبحاجة الى جهات عدلية جادة لفتحها ومحاكمة الناس، وانا من هنا ادعو الى ان يكون هناك تجرد للاجهزة العدلية وان تعمل باخلاص من اجل الوطن، ولا بد ان يكون العمل بشكل مختلف، وانا اعتقد انه يجب ان تكون هناك محاكم خاصة تعمل على مدار الساعة، وان تتم تغذية النيابة بدماء جديدة لكي تعمل بشكل جديد ومختلف يواكب التغيير الذي حدث في البلاد.
] هناك قانونيون يرون أن عمل اللجنة يكمن في إزالة التمكين داخل المؤسسات والخدمة المدنية في البلاد بصورة عامة، اما نزع الأملاك فيجب أن يكون بصورة قانونية، عبر إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد تتولى المحاسبة والنزع؟
ــ (والله شوفي) يوجد في الاسلام قانون من اين لك هذا؟، وقد حاكم به سيدنا عمر بن الخطاب كثيراً ممن كانوا في الدولة الإسلامية وقتها، ونحن اذا جئنا بحسابات القانون العادي فمن اين لموظف دولة يتقاضى مرتباً لا يتعدى الآلاف من الجنيهات أملاك واموال تقدر بملايين الدولارات، فمن الطبيعي ان يكون هذا فساداً، والطبيعي ان الفساد لا يخفى على احد ولا تخفى الطريقة التي يتم بها، وانا اعتقد ان اغلب الاراضي والعقارات تم تخصيصها بقرار اداري، فتم استردادها بقرار اداري من قبل اللجنة، يعني ليست هناك جهة قضائية هي التي خصصت.
] اذا كان التخصيص ادارياً فالمعروف ان النزع يجب ان يكون قانونياً؟
ــ بالمناسبة الاسترداد قانون موجود في كل العالم لمحاربة غسل الاموال وتجارة المخدرات، والفساد الموجود لا يحتاج الى حكم قضائي، وحسب اتفاقيات الامم المتحدة فيحق على اثرها مصادرة اية اموال مجهولة المصدر، وفي امريكا اذا نزل اي مبلغ مجهول المصدر في حساب احد الاشخاص تتم مصادرته دون اية محاسبة، ولذلك فإن هذا طبيعي ان يتم في السودان، ونحن نعلم تماماً ولدينا كل الملفات التي تثبت ان كل هذه الاراضي تم تخصيصها بقرارات ادراية لمنسوبي النظام ونافذين بصورة مرتبة وبشكل مخجل، وهذه الملفات موجودة ويمكن للناس الاطلاع عليها، ويمكن ان نشرك الاعلام للاطلاع على بعض هذه المستندات، وهي مستندات قوية جداً تدل على ان ما قمنا به حقيقة ماثلة وفساد حقيقي.
] ما أردت قوله هو ان اللجنة تتغول على عمل القانون؟
ــ ليس هناك تغول، فاللجنة تعمل بقانون، والقانون تمت اجازته حسب الوثيقة الدستورية، ومن الطبيعي ان يكون الاسترداد حسب القانون الذي تمت اجازته، وهذا قانون دستوري حسب الوثيقة، ومثلما اجاز القانون لبعض المؤسسات فرض رسوم بقانون فنحن نصدر قرارات بقانون.
] وبذات القانون تحدث التسويات؟
ــ لا توجد تسويات، وانا اؤكد انه لا مكان لأية تسويات مع اللجنة.
] اللجنة في بداية عملها كان لديها مؤتمر صحفي راتب، ثم بدأت تتطاول المدة في عقد المؤتمرات الصحفية للإعلان عن قرارات اللجنة، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للحديث عن تسويات تدور في الخفاء؟
ــ أكرر أنه لا توجد أية تسويات مع اللجنة، فهناك قرارات تصدر عن اللجنة العليا، اي نعم حدثت بعض المراجعات، وتم تأخير اصدار قرارات جديدة لتنظيم ما تم استلامه من مؤسسات وشركات وهيئات ومنظمات، وكان هناك عمل اداري شغل العديد من اعضاء اللجنة، لأن هدفنا الاساسي الا تتوقف هذه المؤسسات عن العمل، وبالتالي تم تكوين لجنة مشتركة مع وزارة المالية التي تأخرت في استلام الاموال المستردة والعقارات والشركات. وهناك اكثر من (300) قرار صدر، وهذه القرارات فيها كثير من الشركات العاملة في المجالات المختلفة، وبالتالي رأينا ألا نستعجل، وألا يتم اصدار قرارات جديدة الا بعد ان ننظم ما تم استلامه، لأن أيدينا الآن مليئة بكثير من القرارات، وتنظيمها يجب ان يكون اولوية قبل ان نقوم باصدار اية قرارات بكثافة وبعدها نفشل في تنظيم هذه الاعمال، ولذلك كما ذكرت لك تم تكوين لجنة مشتركة، واللجنة المشتركة هي اللجنة العليا برئاسة وزير المالية، والآن بدأت العمل في استلام العقارات والمؤسسات وتعيين مديرين ومجالس ادارات لهذه الشركات، وبالتالي لم تنقطع لاسباب اخرى، بل لاسباب تنظيم ما تم استرداده، ولكن هذا الاسبوع إن شاء الله سيكون هناك مؤتمر صحفي فيه الكثير من القرارات المتميزة في مجال استرداد اموال الشعب السوداني في الظروف التي يمر بها.
] اهم ملامح المؤتمر؟
ــ سيكون متعلقاً بمؤسسات ومنظمات وشركات عاملة في مجال النفط ومتعلقة أيضاً باشياء كبيرة، فهناك مؤسسات تغولت على اموال الشعب السوداني وضمانات الشعب السوداني في الفترة الماضية، وانا اعتقد ان صداها سيكون جيد جداً لدى الشعب السوداني إن شاء الله.

مصدر الخبر / صحيفة الانتباهة

حوار : هبة محمود سعيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى