قلم حر / محمد إدريس .. نحكي عن مجتمع صفوف البنزين!

تبدأ حكاية مجتمع صفوف الوقود بالتعارف والسؤال المفتاحي عن موعد وصول( التانكر) وحمولته وأسئلة أخرى تزجي الوقت الي حين وصول البنزين ،خبرة عامين معاناة صقلت السودانيين بتقنيات مختلفة لإدارة يوميات الأزمة، منها لعب الكتشينة والليدو مع اقداح القهوة والشاي يتوسطهم صحن الزلابية..!

معاناة حقيقية يعيشها الناس، والصفوف تضرب أرقام قياسية هذه الأيام، حيث عايش كاتب هذه السطور تجربة قاسية وهي المبيت (يوم وليلة) في صف يتلوي كالافعي نهاراً وليلا لينتهي عشيةاليوم التالي،تجربة قربتني أكثر إلى دهاليز وتفاصيل وأسرار صفوف الوقود، التي يختبئ خلفها تجار (السوق الأسود) وسماسرة الأزمة واستغلال صفوف النساء ومنافذ النظاميين من ضعاف النفوس نظير مبالغ مالية!

الفترة الزمنية الطويلة للصفوف، كونت علاقات اجتماعية ممتدة يتبادلون من خلالها أرقام الهواتف وأخبار المحطات العاملة، وقد حكي لي بعضهم تفاصيل تطور العلاقات إلى مجالات العمل والإسهام في حل مشاكل أخرى كتوفير الكاش عن طريق التحويل الإلكتروني َوتكوين قروبات في الواتس (اصدقاء المحطة) وغيرها من أشكال التواصل..!

تستفزني دائما أخبار وتصريحات المسؤولين بالدولة وتلك الحقن المخدرة التي تتحدث عن انفراج الأزمة والصفوف تتداخل بين أزقة وشوارع الخرطوم،وتنجم عنها زحمة مرورية وحوادث سرقات للعربات ومشاجرات بين الواقفين في الصفوف واللذين يخترقونها ليلا كانقلاب عسكري يطيح بحكومة حزبية منتخبة!

(المشكلة وين) قالها يومها الوزير الإنقاذي وذهب مع حكومته، وبقي السؤال أكثر إيلاماً مع تفاقم الأزمة الآن فهل المشكلة في صيانة مصفاة الجيلي؟ ام في عدم توفر ملايين الدولار لاستيراد الوقود؟ ام في مديونيات وزارة المالية لدى الموردين؟ام في وزيرة المالية المكلفة التي تتفرج على الأزمة الخانقة؟! أم في حكومة حمدوك التي لاتملك غير الاعتزار؟! أم المشكلة في فشل الأجهزة الرقابية والأمنية في كبح جماح السوق السوداء.. المشكلة وين..؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى