الخرطوم الحاكم نيوز
خطبة الجمعة أمس في مسجد الحارة 12 بالثورة كانت حديث المصلّين وحديث الذين تابعوها ، بل كانت حديث أهل الثورات جميعاً بدليل أنها كانت موضوع نقاش في خيمة عزاء بحي الواحة شرق ، قريباً من شاطئ النيل في شارع الأبراج ، وكان خطيب الجمعة في مسجد الحارة 12 فضيلة الشيخ الجليل الأستاذ الصادق قسم الكريم ، شجاعاً وهو يتحدّث من على المنبر ، ويطرح واحدةً من أخطر القضايا التي نعتبرها حجر عثرة في طريق السّلام الذي لم يجف المداد الذي وُقّعت به إتفاقية سلام جوبا في الثالث من أكتوبر الحالي .
جاءت الخُطْبة تحمِلُ خبراً ورأياً وتعليقاً ورسالة ، فالخبر كان إن أحد أبناء حيّينا وهو من مرتادي المسجد ، جاء إلى إمام مسجدنا يستفسر عن أمر ما ، ويطلب الرأي والمشورة ، والموضوع هو إن موفداً من قبل الحركات المسلحة الموقّعة على إتفاقية السّلام النهائي الأخيرة ، جاء إلى ذلك الشاب وطلب إليه الإنضمام الى الحركة _ بأثر رجعي _ قبل ثلاثة عشر عاماً ، أي منذ العام 2013 م .طلب إليه أن يملأ إستمارة محددة وأن يرفق معها صورةً من الرقم الوطني وشهادة السكن ، وبعض الأوراق الثبوتية ، ليضمن _ حسب إفادة ممثل الحركة المسلحة _ إلحاقه برتبة عسكرّية إن كان لديه بعض المعرفة بالعسكرية وعلومها ، والضبط والربط ، وربما يتم إلحاقه برتبة ضابط صف أو ضابط إذا كان مؤهلاً من الناحية الجسمانية والصحية ، وهذا سيترتب عليه صرف تعويضات من الحكومة السودانية ومن الإتحاد الأوربي وبعض المنظمات تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات ، سيكون له منها نصيب .
أما الرأي والتعليق فقد كانا من خطيب الجمعة الشيخ الصادق قسم الكريم بأن هذا إن حدث فهو غِشٌ وخِدَاع لا يقبل به شرع أو قانون ، أما الرسالة التي تضمنتها الخطبة فقد كانت موجّهة للشباب والآباء والأمهات تحذّر من خطورة هذا الذي يجري في الظلام لكن أنوار الحقيقة والحرص على الحق كشفته وأبانت تفاصيل هذه الفضائح والجرائم التي ترتكبها بعض الحركات التي لا وزن لها على الأرض ، قد يكون لديها المال وبعض السلاح لكنها لا تملك الرجال والمقاتلين ، وعندما جدّ الجد إنكشف المستور وأخذت تبحث عن سد النقص ولو بالخداع .
والرسالة الأكبر كانت موجّهة للحكومة الإنتقالية خاصة أولئك الذين يندفعون دون خبرة أو دراية للإرتماء في أحضان بعض الحركات الهلامية ذات الوجود الإعلامي فقط دون وجود فعلي على الأرض ، رسالة تطلب من الحكومة الوقوف كثيراً قبل أن تقدم على خطوة التعويضات لمقاتلين” وهميين ” لا وجود لهم إلا في الدفاتر الجديدة ، ولكن الرسالة الأخطر والأعظم نرى أن تكون للجنة المكلفة بفحص أسماء ( الجنود المجهولين ) والتحقّق من هويّاتهم والرجوع إلى مناطقهم ومعرفة الحقيقة وهذا ليس بالأمر الصّعب أو المستحيل بالنسبة لأجهزة الإستخبارات العسكرية أو لأجهزة الأمن والشرطة أو حتى بالنسبة لزعماء القبائل أو شيوخ المناطق أو رؤساء اللجان في أحياء القرى والمدن .
ما حدث خطير ونتائجه أخطر ، إننا ندق ناقوس الخطر ، وليت الذين بيدهم الأمر أن يكونوا أحرص منا و من الجميع الإنتباه واليقظة والحذر ، والإستعداد .