تأملات – جمال عنقرة – عروس الرمال .. إلى حين الوصول

الخرطوم- الحاكم نيوز
استغرقنا تواصل طويل عبر الواتسب يوم أمس الأول الثلاثاء مع الأخ الأستاذ خالد مصطفي والي ولاية شمال كردفان امتد حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، وكنت قد وجدت رسالة منه لم أقرأها في حينها، وكانت ردا علي تحية بعثت له بها، فرد عليها بأحسن منها، وكان ذلك في مساء يوم زارني فيه أخي يس جعفر العاص في منزلي بالحتانة للإطمئنان علي صحتى، فسألته عن الوالي الجديد، ولم تكن لي معرفة به سابقة من قريب، فلم يزد يس في تعريفه علي أنه درس في مدرسة عاصمة كردفان، ويس يعرف أن عاصمة كردفان من أهم محطات حياتي، وزملاء العاصمة وأساتذتها صورهم عندي لا تغيب، فاتصلت به، وكان قصدي الأساسي مناشدته لإعادة مدرسة عاصمة كردفان، وهو لا بد أنه يدخر لها حبا مثل حبنا، وينبغي أن يزيد عنده وهو الذي عمل بعد ذلك في مجال التعليم، وظل احتكاكه بالطلاب متواصلا، لذلك فإن معرفته بقيمة المدرسة عند طلابها لا بد أن تكون أعمق، فلما لم أجد هاتفه متاحا في تلك اللحظة بعثت له بتحية، هي تلك التي ردها بأحسن منها، وكان الموضوع الذي يليها مباشرة موضوع عودة مدرسة عاصمة كردفان، فلما وجدت في رسائله التي كانت معلقة مساء أمس الأول عبق مدرستنا عاصمة كردفان خلت أنا في رحاب تلك الأم الرؤوم، رغم أنا قد سبقناه بسنوات، فخلت أنا نسقي الأشجار، أو نستجيب لنداء رئيس الطابور عبده خليل (صفا .. انتباه .. صفا .. انتباه) أو نتزاحم أمام دكان عم عبد العظيم له الرحمة والمغفرة في خور القبة، لإعداد وتجهيز الفطور، أو نفعل ذات الشئ أمام خالتي هانم يرحمها الله، أو نتفرج علي عمر المنصوري وعمر بشير وعثمان دقق (أوسو) وهم يتقاذفون (الرنق) أو نهتز لنداء مجلل لأستاذنا الراحل المقيم محمد طه الدقيل (يا ولد) وكل طالب في المدرسة يتخيل أنه الولد المعني، فتداعي الحديث وامتد، وتداعت معه ذكريات، ذكريات مدرستنا الحبيبة عاصمة كردفان المتوسطه، وجالت بخاطري ذكريات مر عليها نحو نصف قرن من الزمان وكأنها قد حدثت البارحة، ثم جاءت مدرستنا العظيمة، مدرسة الأبيض الثانوية، وناظرنا الأستاذ الهادي آدم، والوكيل مولانا الغالي جديد، وأساتذتناالعظام، نصر أبو ضامر، وبشير الشريف، وبشير قمر، والبلاع، ابراهيم جمعة،وغيرهم، وتلك كانت عالما آخر، أما مدينتنا الأبيض عروس الرمال أبو قبة فحل الديوم ست المدائن وعروسهم، ولقد تحدثت عنها قبل نحو شهر أو يزيد في حوار (ألوان) وتحدثت عن الأبيض مع شقيقتيها اللتين تشاركانها السكن في قلبي، والتأثير في تكويني، أم روابة عروس النيم، الميلاد ومراتع الطفولة، وأمدر البقعة مبروكة الإله والدين.
كنت قد وعدت كثيرين من الأهل والأصدقاء بزيارة قريبة إلى عروس الرمال، ولم يقطعني عنها الفترة الماضية لأطول فترة غياب، عنها وعن أهلي في حاضرتها وربوعها وبواديها شئ سوي الظروف الصحية التى مررت بها وتجاوزتها بفضل الله ونعمته، وكنت أتمنى زيارتها اجتماعيا فقط، ولما سمعت قبل أسبوعين تقريبا بنفير أبناء العروس لنظافة وتحسين الظروف الصحية في مدينة الشباب، وسعت آفاق الزيارة المرتقبة وجعلت من بين أهدافها المشاركة في تجديد روح العروس التى بها تزدان وتزدهر، ولم يكن في نيتي التواصل مع أي مسؤول حكومي، ولما تواصلت يوم أمس الأول مع الوالي الأخ الأستاذ خالد، ووجدته يعلي من كردفانيته، وضعته ضمن البرنامج، بهذه الصفة الكردفانية التي لو أعلي من شأنها، وجعل أهلها هم سنده وعزته، لوجد عندهم نصرة لن يجدها عند غيرهم، وأذكر عندما كنت طالبا في مصر، وكنت من الناشطين المعروفين في الإتجاه الإسلامي وكنت أطوف مصر طولا وعرضا مشاركا في الأنشطة الطلابية السياسية وغير السياسية، كانت منزلتي في كل مدينة تكون في شقق أهلي الكردافة، ولم يحدث أن نمت ليلة في أي مدينة في غير شقق أخواني الكردافة أو أحبابي أولاد أمدر، مكي البر والفاضل بلدو، وعكاشة، وعماد غانم وعصام قوزة، وعصام شاحوطي، ونزار أبو الزول، وطارق ميرغني، وميرغني دعاك، وغيرهم في القاهرة، وخالد شيخ الدين، وأزهري بابكر (شطة)، وعثمان مكي (ود العمدة) ومحمد الحسن التجاني في المنصورة، وغيرهم في كل بقاع مصر المأمنة بأهل الله، علي قول شيخنا البرعي الخليفة عبد الرحيم ود الشيخ محمد ود الشيخ وقيع الله له رحمة الله ورضوانه، لذلك كانت أركان النقاش التي أتحدث فيها، يعمرها الكردافة، ويحرسونها ويدافعون عنها، وكان كثيرون منهم يصوتون معي للاتجاه الإسلامي، وبعد تخرجنا صار أخونا وصديقنا، الكردافي الأصيل محمد الحافظ (مجدي) له الرحمة والمغفرة هو الأشهر من أبناء الأبيض في النشاط السياسي، وكان من قادة مؤتمر الطلاب المستقلين، فناصره أهلنا الكردافة الذين كانوا يدرسون في مصر، ونصروه، وكانوا سببا في فوزهم في انتخابات الاتحاد العام للطلاب السودانيين في مصر، وصار مجدي يرحمه الله رئيسا للاتحاد.
وفي ظل التحديات العظيمة التي تواجه بلدنا السودان عموما، وتواجه بالطبع ولايتنا شمال كردفان مع غيرها من الولايات الأخري، ففي ظل هذه الظروف ليس أمامنا خيار سوي الاعلاء من شأن الكردفانية التى حققنا بها كثيرا من أمجادنا وانجازاتنا، وهي معلومة ولا تحتاج إلى تعديد، وهذا شأن لن نتخلف عنه، ولن نقف في صفوفه الخلفية، ناهيك عن الغياب منه، وأتمني أن يقود أخواننا حاكمون ومحكومون مشروع عودة الكرفانية، ولقد أحزنتني النتائج السيئة الأخيرة لهلال التبلدي قاهر الكبار، وآخرها هزيمته يوم أمس الأول الثلاثاء من فريق الشرطة القضارف، في أول انتصار لها علي هلال التبلدي، وكما تعلمون فأنا مريخابي، ولكن هلال التبلدي صار رمزا وعزا لكل أبناء كردفان، المريخاب قبل الهلالاب. ولتكن الوقفة مع هلال التبلدي بداية لوقفات متواصلة من أجل نهضة وإعمار شمال كردفان، وبالله التوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى