تأملات – جمال عنقرة – الإستثمارات الأجنبية .. تصحيح المسار

الخرطوم :الحاكم نيوز
سعدت يوم أمس الأول الأحد بزيارة لبنك السودان استجابة لدعوة من الأخت الزميلة والصديقة العزيزة الدكتورة صفاء عبد الباقي دينمو الإعلام والعلاقات العامة بالبنك المركزي، وكانت الزيارة للوقوف علي تجربة البحث الميداني الذي يجري لرصد الحقائق والمعلومات الغائبة عن الاستثمارات الأجنبية في السودان، وأول ما سعدت به وجود قاعة في البنك تحمل اسم الدكتور صابر محمد الحسن الذي كان له الفضل من بعد الله تعالي في إنشاء هذا الصرح الفخيم الذي مزق فواتير إيجارات بنك السودان الباهظة، وجمع كل اداراته وأقسامه في مبني واحد اختصر كثيرا من الزمن والجهد، والمال المهدر، وقيمة تخليد اسم رجل مثل الدكتور صابر لما أنجز، يسعد لأنه يؤكد عظمة المؤسسات الراسخة التي تحترم الأصول والتقاليد، وبنك السودان واحد من تلك المؤسسات التي نعلق عليها آمالا عراض، ويبدو أن لوجود أبناء ابرار من أبناء البنك علي قيادته دور في ذلك، ورغم أني أعرف كثيرين من منسوبي البنك ومن قادته السابقين، لكنني لم أتشرف بمعرفة المحافظ الحالي السيد محمد الفاتح زين العابدين، ولا نائبه السيد محمد أحمد البشري، لكنني عرفت السيد المحافظ من خلال حديث له استمعت إليه في اذاعة أم درمان، وعلقت عليه في مقال سابق، وكان حديثه حول ملامح سياسات الصادر والوارد، وكان حديثه حديث خبير عالم، أما نائبه السيد ود البشري، فلقد كانت ورقته التي قدمها في المؤتمر الإقتصادي القومي عن النظام المصرفي في السودان، كانت من أقيم ما قدم في المؤتمر، ثم سعدت بعد ذلك بساعة زمن قضيتها في رفقة الدكتورة صفاء مع الدكتور موسي الفاضل نائب مدير الإحصاء بالبنك، ومقرر الجنة الفنية للإحصاء الميداني للاستثمارات الأجنبية في السودان، والتي يشارك فيها مع بنك السودان وزارة التجارة والصناعة، والجهاز القومي للإحصاء، والجهاز القومي للإستثمار، ومفوضية تشجيع الإستثمار بولاية الخرطوم، وقبل الساعة التي أطلعني فيها الدكتور موسي علي معلومات اللجنة وأهدافها وأعمالها، سعدت بخمس دقائق تابعت فيها حوارا بين الدكتور موسي وبين واحدة من منسوبات الجهاز المركزي للإحصاء تشرف علي فريق البحث الميداني، وأسعدني فيها علمها بما تعمل، ورؤيتها الواضحة لكيفية إنجاز ما عهد إليها من عمل.
فكرة جمع معلومات ميدانية عن الاستثمارات الأجنبية في السودان، فكرة تستحق الإشادة والدعم، فلا يوجد شئ مضطرب في السودان، والمعلومات حوله مضطربة، والحديث حوله كله مضطرب مثل الاستثمارات الأجنبية، لا سيما في السنوات الأخيرة، علي الأقل العقدين الأخيرين، وهي الفترة التى تستحق التركيز من اللجنة، فما قبل ذلك لم تكن هناك استثمارات أجنبية تذكر، والتي كانت قائمة كانت معلومة، ومرصودة، وأكثرها توقف عن العمل، أما الاستثمارات الحديثة، فلا توجد عنها معلومات مؤكدة، والأحاديث حولها أكثرها انطباعية، والذي شاع أن كثيرين من الذين قصدوا بلدنا للإستثمار وجدوا معوقات كثيرة، بعضها خاص بالقوانين، والتشريعات، وبعض بالإجراءات، وبعض خاص ببعض الوسطاء وبعض المسؤولين الذين يتهمون بأنهم يسعون للإستفادة من وراء الإجراءات المطلوبة، وبصرف النظر عن حجم مصداقية ذلك، فإنه ترتب عليه خروج وعودة كثيرين من المستثمرين لبلادهم، وبعضهم انتقل إلى دول أخري، وبعضهم لجأ إلى وسائل أخري غير مشروعة، وإلى العمل خارج المنظومة الرسمية، وصار بعضهم يتحايلون علي القوانين والإجراءات، فصار بعضهم يمارسون أنشطة استثمارية خاصة بالتجارة والاستيراد والتصدير بأسماء سودانيين، وفي ذلك يتحدثون عن أسواق مثل سوق ليبيا مثلا، صار عدد التجار الأجانب فيه أكثر من السودانيين، ويتحدثون أيضا عن أجانب يشترون الماشية من الأسواق الريفية السودانية ويعملون علي تربيتها وتسمينها عشوائيا، ويقومون بذبحها في مسالخ معروفة، ثم يصدرونها إلى بلادهم دون أي إجراءات صادر، ويتحدثون أيضا عن أجانب يشترون المحاصيل السودانية من مناطق الإنتاج ويحضرونها إلى الخرطوم، ويقومون بشحنها إلى بلادهم بغير إجراءات صادر، ولا عائد صادر، ويتحدث الناس كذلك عن مستثمرين اتوا الى السودان معدمين، واستفادوا من ميزات الاستثمار من أراض واعفاءات، وغيرها، وكونوا ثروات هائلة علي حساب المواطن المغلوب، وكل هذه المعلومات لا يمكن أن تؤكد أو تدحض بغير هذه الحملة التي تستهدف جمع كل المعلومات بشأن الاستثمارات الأجنبية في السودان، والتي يمكن بموجبها أن يصحح المسار ويتم وضع السياسات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية والسودانية كذلك، وتحافظ علي الموجود منها، ثم تبدأ بعد ذلك حملة لجمع المعلومات عن الاستثمارات السودانية خارج البلاد، وتلك خطوات مهمة رغم أنها تأخرت كثيرا، ولكن أن تأتي متأخرا، خير من ألا تاتي، ونسأل الله أن يأتي الخير علي أعتاب هذه الخطوات المباركة، التي يجب أن تجد الدعم والتشجيع من الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى