
لما يقارب (4) ساعات متواصلة عقدت محكمة جنايات جرائم الفساد ومخالفات المال العام برئاسة القاضي رافع محمد عبد النور معلا، عقدت جلسة اقل ما توصف به انها نارية، وشملت مفاجآت مدوية في قضية منظمة العون الانساني والتنمية المتهم فيها النائب الاول الاسبق للرئيس المعزول علي عثمان محمد طه واثنان آخران هما الامين العام السابق لمنظمة العون الانساني والتنمية وآخر خبير مالي.
بخط اليد وشفوي
وقال المدير المالي السابق بمنظمة العون الانساني عثمان محمد، بوصفه شاهد اتهام ثالث للمحكمة، انه قام باعداد مستند اتهام (16) عبارة عن تقرير قيد مرقم (15) يتعلق بمبلغ الدعم للمنظمة وقدره (3) ملايين جنيه، بناءً على طلب المراجع، مشدداً على ان مبلغ الدعم جاء من بنك السودان المركزي، الا انه لا يعرف الشخص الذي وجه بذلك بحد تعبيره، وبرر شاهد الاتهام الثالث للمحكمة اعداده التقرير مستند اتهام (16) بخط يده وليس مطبوعاً بأن التوجيه له بذلك كان شفوياً من قبل المتهم الاول الامين العام السابق للمنظمة، مبيناً في ذات الوقت ان التقرير تضمن بياناً لشيكين ماليين الاول يتعلق بشيك بمبلغ (930) الف جنيه لصالح شركة دال للسيارات مقابل شراء عربتين للمنظمة، اما الشيك الثاني فيتعلق بمبلغ (2.70) مليون جنيه مستخرج باسم المتهم الثاني، نافياً للمحكمة ظهور المتهم الثالث النائب الاسبق للرئيس المعزول علي عثمان محمد طه، كدائن أو مدين في حسابات منظمة العون الانساني (الشاكية) .
وحول تمليك السيارات بالمنظمة كشف شاهد الاتهام الثالث للمحكمة انه وحسب الاجراء المتبع بالمنظمة فإن هناك دلالة تقيمها مفوضية العون الانساني لتمليك السيارات، وتقوم من خلالها بتحديد مبلغ سعر السيارة، لافتاً الى ان المنظمة تقوم بدورها بارسال خطابات منفصلة تحمل اسم الموظف المعني بتمليك السيارة كل على حدة، مؤكداً للمحكمة انه كان من ضمن الموظفين بالمنظمة وتم تمليكه سيارة .
تدفق نقدي
وفي سياق مغاير اوضح شاهد الاتهام الثالث للمحكمة ان مبلغ (2.573.422) مليون جنيه اي بما يعادل (300) الف دولار امريكي ــ وبحسب حسابات المنظمة هو عبارة عن جزء من مبلغ التدفق النقدي للمنظمة من شركة بايو، لافتاً ايضا ً الى ان هناك مبلغ آخر قدره (3.493.22) مليون جنيه عبارة عن مبلغ موجود بحساب المنظمة بحد قوله، مشيراً الى ان مدارس القبس مملوكة لشركة التعليم الخاص وهي جزء من المنظمة، بينما اكد للمحكمة عدم معرفته بالدورة المستندية الخاصة بالقبس، وفي ذات الاتجاه ابان شاهد الاتهام الثالث للمحكمة انه حسب مستند اتهام (15) فإن مدارس القبس هي جزء من التدفق النقدي لايرادات المنظمة .
تصديق الوزير
ومن جانبه مثلت شاهدة الاتهام الرابعة مدير إدارة المصروفات المالية بوزارة المالية ابتسام علي محمد عثمان، وقالت ان لديهم بند الانشطة الاجتماعية لا يتم تصديقه الا بواسطة وزير المالية أو الوكيل حسب ماهو محدد له وسلطتهما التقديرية، وذلك بموجب طلب من الجهة التي تقدمت بالدعم المالي، وابانت الشاهدة ان هناك طريقتين لطلب الدعم من المالية احداهما قد يأتي من وكيل وزارة المالية ويكتب للادارة المعنية لمعرفة وجود مبالغ مالية او وجود امكانية للدعم في البند، اما الطريقة الثانية هي كتابة طلب لوزير المالية مباشرة ويتم الصرف له مباشرة بحد تعبيرها .
لجنة إزالة التمكين
ونبهت شاهد الاتهام الرابعة المحكمة الى انه وبوصفها مديراً لادارة المصروفات المالية طلبت منها لجنة إزالة التمكين في بداية عام 2020م معلومات حول الدعم المقدم من المالية لمنظمة العون الانساني (الشاكية)، ونوهت بانه تمت افادة اللجنة بواسطة وكيل وزارة المالية بانه وحسب المستندات الموجودة قد قام وزير المالية الاسبق بدر الدين محمود عباس بتاريخ (16/12/2014م ) بالتصديق مباشرة بمبلغ (3) ملايين جنيه كدعم للمنظمة، واكدت انه وبموجب تصديق الوزير آنذاك وجه وكيل وزارة المالية وقتها ادارة المصروفات بالمالية بالتصديق للمبلغ، ومن ثم انزاله في حساب منظمة العون الانساني على بنك النيل فرع عفراء الخرطوم بتاريخ (22/12/2014م).
خروج الدعم
في سياق مغاير لفتت الشاهدة الى انه وحسب النظام والحوسبة المالية بالوزارة تتفاوت مسألة تسليم الدعم للجهات التي تقدمت له بين (3/10) ايام، مع مراعاة الاجراءات المتبعة ووجود المال في بند الانشطة الاجتماعية، وفي ذات الوقت قبلت المحكمة مستندي اتهام (17/18) عبارة عن طلب منظمة العون الانساني للتنمية لوزارة المالية للدعم المالي ومستند آخر يوضح خروج الدعم من المالية وانزاله بحساب المنظمة .
دعم وليس ديناً
وشددت شاهد الاتهام الرابعة للمحكمة على انه ومن خلال طلب الدعم من المنظمة للمالية جاء بغرض دعم مشروعات تنموية بالمنظمة، فيما نفت ذات الشاهدة للمحكمة تقديم منظمة العون الانساني في طلب دعمها المالي لوزارة المالية اية دراسة جدوي لمشروعاتها التنموية، فيما نوهت شاهدة الاتهام الرابعة بان وزارة المالية تقوم بمتابعة الدعم لجهة حكومية ولديها ميزانتها بالمالية عن طريق محاسبيها والمراجعين الداخليين والمراجع العام بديوان المراجعة القومية، بينما لا تتمكن المالية من متابعة الدعم لجهة غير حكومية لعدم وجود وسيلة لمتابعة اوجه صرف تلك الجهة غير الحكومية بحد تعبيرها .
وفي ذات السياق نبهت الشاهدة المحكمة الى ان مسألة دعم الجهات غير الحكومية تتم وفق السلطة التقديرية للوزير او الجهات العليا بوزارة المالية وتتم في نطاق (ضيق) بحد قولها وليس لكل المنظمات، واردفت قائلة: (هذا الدعم ليس من الاشياء الروتينية ويصرف حسب الحاجة). وفي ذات الاتجاه ناقش ممثل دفاع المتهم الثالث شاهدة الاتهام الرابعة، وكشفت ان مبلغ الدعم للمنظمة مستخرج من بند مركز الموازنة العامة للدولة، واكدت ان المبلغ استخرج كدعم للمنظمة وليس كدين لها .
قصة التأسيس
ومن جهته مثل الامين العام الحالي منظمة العون الانساني للتنمية عبد الحليم ضيف الله امام المحكمة بوصفه شاهد الاتهام الخامس، مشيراً الى ان المنظمة تأسست في عام 1999م بواسطة رجل اعمال سعودي الجنسية يدعي د. عادل عبد الجليل البترجي، لافتاً الي ان البترجي قام بكافة اجراءات صرفها وتأسسيها ومشروعاتها، كاشفاً للمحكمة ايضاً ان مدارس القبس مملوكة للبترجي، ومسجلة كشركة بالمسجل التجاري باسم شركة الخرطوم للتعليم الخاص، اضافة الى تسجيلها بوزارة التربية والتعليم باسم مدارس القبس، موضحاً ان مدارس القبس مؤسسة تجارية وجزء من عائدها الربحي يعود للمنظمة الخيرية.
خلاف مالي وإداري
وفجر شاهد الاتهام الخامس للمحكمة مفاجأة مدوية، وكشف عن خلاف مالي وإداري في عام 2016م بين المتهم الاول ورئيس المجلس الاستشاري للمنظمة د. عادل البترجي (السعودي)، لافتاً الى انه وبموجب الخلاف تم اعفاء المتهم الاول من منصبه كامين عام سابق للمنظمة، موضحاً انه كان ضمن لجنة التسليم والتسلم من الامين العام الاسبق المتهم الاول لقوائم اصول المنظمة، واتضح وجود سيارتين لم يتم تسليمهما، مشيراً الى انه تم استفسار المتهم الاول عبر اللجنة عن السيارتين وافادها بأن السيارة الاولى الذي يستقلها اهداها له المتهم الثاني، مبيناً ان البترجي طلب من المراجع مراجعة حسابات المنظمة، حيث اتضح من تقرير المراجعة ان السيارتين قد تم شراؤهما من مبلغ (3) ملايين جنيه تم توريده من وزارة المالية للمنظمة كدعم لمشروعاتها، مبيناً ان السيارتين تم شراؤها بمبلغ (930) الف جنيه سوداني، ومتبقي مبلغ الدعم (2.70) مليون جنيه سوداني تم اصدار شيك به باسم المتهم الثاني ولم تدخل ضمن مصروفات المنظمة بحد تعبيره، مشيراً الى انه وبناءً على ذلك قام رئيس المجلس الاستشاري للمنظمة بتفويض شخص لاجراءات رفع دعوى امام نيابة الاموال العامة، فيما اكد الشاهد للمحكمة بعدم وجود اية علاقة للمتهم الثالث (طه) بمبلغ دعم المنظمة او التصرف فيه ولم يرد اسمه بمستندات المنظمة حول الدعم.
ونفى الشاهد للمحكمة علمه بان الخلاف بين المتهم الاول والبترجي بسبب تحويل اصول المنظمة لصالح شركة (دروب) الوقفية، موضحاً ان الاصول عبارة اراضي الشركات التي تستغلها المنظمة في الولايات ومقر المنظمة الرئيس، مبيناً ان شركة دروب الوقفية اسسها ايضا البترجي، بغرض اشهار وقف لكل مؤسساته داخل السودان، موضحاً ان ملاك (الوقفية) هم رجل الاعمال حيدر القاضي والبترجي واحدى بناته.
اعتراض وتبرير وحسم
واعترض ممثل دفاع المتهم الثالث على ظهور الامين العام الحالي للمنظمة كشاهد في القضية حالياً رغم انه كان مفوضاً كشاكٍ ضد المتهمين في الدعوى سابقاً، وشدد على ان الشاهد يغير من صفته من شاكٍ لشاهد في البلاغ، فيما افاد ممثل الاتهام المحكمة بانه وحتى الآن لم يقدم اي تفويض للمحكمة بشأن الشاكي في البلاغ، فيما حسمت المحكمة الجدال القانوني بين الاتهام والدفاع وافادت بانها من ستقيم ذلك لاحقاً .
بلاغ متعلق بأراضٍ
واكد شاهد الاتهام الخامس عبد الحليم ضيف الله للمحكمة، انه ومن خلال قوائم المنظمة لا توجد علاقة للمتهم الثاني بها مالياً، فيما كشف للمحكمة عن تحرير بلاغ ثان ضد المتهم الثاني الشاكي فيه رئيس المجلس الاستشاري للمنظمة عادل البترجي، يتعلق باراضٍ بالمنظمة ومازالت التحريات جارية فيه منذ عام 2017م لوفاة احد المتهمين فيه بحد تعبيره مما ادى الى اشكالات اجرائية في البلاغ .
بلاغان ضد المنظمة
وكشف الشاهد للمحكمة عن اجراءات دعوى مدنية قيد النظر امام احدى المحاكم ضد المنظمة الشاكي فيها المتهم الثاني ادعى فيها انه دائن للمنظمة مالياً، وفي ذات الوقت واصل الشاهد في ازاحة ستار الحقائق خلال سرد اقواله للمحكمة، وكشف عن تدوين بلاغ ضده كامين عام حالي بمنظمة العون الانساني بنيابة الفساد متعلق بتحويل اصول المنظمة عبارة عن اراضٍ لصالح شركة دروب الوقفية وان الشاكي فيه المتهم الثاني .
استثناء وإعفاء جمركي
واوضح شاهد الاتهام للمحكمة ان هناك لوائح لتمليك السيارات لموظفي المنظمة، لافتاً الى انه وفي عهد المتهم الاول كامين عام سابق للمنظمة تمت الموافقة بمنح الموظفين بالمنظمة استثناءً لتمليك السيارات واعفاءهم جمركياً، منوهاً بان الاستثناء ليس متسقاً مع لوائح المنظمة وضوابطها، كاشفاً ان المدير المالي والمستشار القانوني لمدارس القبس استفاداا من الاستثناء بتمليك سيارات بالمنظمة بموافقة المتهم الاول .
وكيل نيابة وعميد أمن
في ذات الوقت امرت المحكمة باعلان (4) من شهود الاتهام في الدعوى الجنائية للمثول امامها والادلاء بشهادتهم حول القضية، وهم وكيل اعلى النيابة المعز طه أحمد، ومدير مكتب المتهم الثالث النائب الاسبق للرئيس المعزول عميد أمن يحيى آدم، واعلان مفوض عن مفوضية العون الانساني، اضافة الى اعلان وكيل التخطيط الاقتصادي بوزارة المالية أزهري إدريس . فيما قطعت ذات المحكمة جلسة في الحادي عشر من الشهر الجاري، الموافق (الاحد) القادم، لمواصلة سماع قضية الاتهام .
الخرطوم: رقية يونس ( الانتباهة اون لاين)