.بُعْدٌ .. و .. مسَافَة – مصطفى أبوالعزائم – التطبيع .. في إنتظار القرار

الثلاثاء الخامس عشر من سبتمبر 2020م أصبح يوماً تاريخياً ، بعد أن تم التوقيع على اتفاقية السلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وبين دولة إسرائيل في واشنطون برعاية أمريكية ، إذ ظل الرئيس دونالد ترامب يحرص على إنجازها منذ سنوات ، ليحفظ له التاريخ هذا العمل الكبير بتوسيع دائرة السلام في الشرق الأوسط ، بدخول دول وأقطار عربية غير مصر التي بادرت بإتفاقية كامب ديفيد عام 1978م إبان حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات رحمه الله الذي أثبت منذ ذلك الحين أنه بطل حرب وسلام ، وأنه رجل سياسي بعيد النظر ، وإستحق جائزة نوبل للسلام مع شريكه في الإتفاقية رئيس وزراء إسرائيل آنذاك مناحيم بيغن .
من مصلحة الرئيس الأمريكي أن يتم هذا الإتفاق ، ومن مصلحته أن تتسع الدائرة أكثر وتضم غير الإمارات العربية المتحدة والبحرين دول أخرى مثل سلطنة عمان والسودان .
عين الرئيس ترامب على صناديق الإقتراع التي يتنافس الحزبان الرئيسيان في الولايات المتحدة الأمريكية الجمهوري والديمقراطي على حصد أكبر عدد من الأصوات داخلها خلال نوفمبر المقبل موعد الإنتخابات الرئاسية الأمريكية ، فتحقيق السلام والإتفاق عليه يعد مكسباً سياسياً كبيراً للرئيس ترامب الذي يأمل في ولاية رئاسية جديدة وإزاحة خصمه جون بايدن من على خارطة الحلم بحكم واحدة من أكبر و أقوى الدول في العالم .
الإتفاقية التاريخية تعتبر مكسباً سياسياً وأمنياً وإجتماعياً وإقتصادياً للأطراف الموقعة عليها ولشعوب المنطقة ، مثلما تعتبر رادعاً لكل ما يهدد منطقة الخليج العربي ، وهو ما قد يأتي بدول أخرى لدائرة السلام .
إتفاقية السلام التي تم التوقيع عليها بالأمس القريب ، تعتبر من الإتفاقيات الفاعلة من خلال النتائج المنتظرة والمتوقعة منها ، وقد تتجاوز سابقاتها من إتفاقيات لأنها حددت أوجه تعاون كثيرة بين أطرافها ، وإن كانت إتفاقية كامب ديفيد قد حققت سلاماً يمكن أن يوصف بالسلام البارد بين مصر وإسرائيل ، إلا أنها أوقفت الحرب تماماً .
دول عربية عديدة إعترفت جهراً أو سراً بإسرائيل ، ودول عربية وإسلامية أخرى أخذت تتاجر بالقضية الفلسطينية وتنتقد أي خطوات في طريق السلام أو التطبيع في حين أن لها علاقات وسفارات في تل أبيب منذ سنوات ، وقد سعد كثيرون بمشاركة القائمة بأعمال سفارة السودان في واشنطن في حفل التوقيع ، وهو ما يطرح سؤالاً مشروعاً عن موعد الإعتراف الرسمي من قبل الحكومة السودانية بدولة إسرائيل ، خاصةً وأننا نعلم بمدى الأضرار التي لحقت ببلادنا جراء مقاطعة لا نجد لها تفسيراً منطقياً ولا مبرراً معقولاً ، وأدت إلى دخول بلادنا في معاناة مستمرة ومتصلة رغم مواردها وثرواتها الظاهرة والباطنة فأصبحنا أفقر شعب في أغنى بلد ، وأدت إلى حروب في أكثر من إتجاه بل قادت إلى إنفصال جزء عزيز من وطننا لا هدأت أحواله ولا إستقرت أوضاعنا بعد ذلك الإنفصال .
مشاركة القائمة بأعمال السفارة السودانية في واشنطن تجعل أبواب الأمل والرجاء مفتوحة وأعيننا كذلك لقرار جريئ وشجاع من قبل قيادات الدولة الحالية بشأن الإعتراف بدولة إسرائيل لكننا لا نريد إعترافاً مجانياً وبلا مقابل .. نعترف نعم ولكن مقابل رفع إسم بلادنا من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، نعترف نعم ولكن مقابل رفع العقوبات الأمريكية والدولية عن بلادنا تماماً … ونرى في الأفق ما يبشر بذلك بعد أن تم توقيع إتفاقية السلام التاريخية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل وبين مملكة البحرين وإسرائيل برعاية أمريكية .. ونتمنى أن تقرأ واشنطن كتاب السلام كاملاً ليكون السلام شاملاً .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى