معوض مصطفى راشد يكتب _ النفاق الاجتماعي

للناس في بلادنا السنة حداد تغوص في كل شيء وكأن شئون الاشخاص ملك مشاع .. وهذه الالسنة (اوتوقراطية) لا تعترف بالحرية الشخصية ولا تؤمن بحق المواطن في اختيار طريقته في الحياة ومعالجة مشكلاته .. لأن المواطن في شرعتها عبد ذليل يتحتم عليه عقابها .. وعقابها يشهد الله رهيب مخيف .. واذا كانت السنة الناس تضبط سلوك الناس واخلاقهم فهي في احيان كثيرة ذئاب متوحشة وسبيلنا الوحيد للخلاص من شرها ان نخرج على رغباتنا لنعيش معها في نفاق دائم .. والعجيب اننا جميعا نخاف تلك الالسن ويتساوى في ذلك كبيرنا وصغيرنا .. فالسياسي عندنا لا يكاد يتجه بسياسة الى ما يراه صالحا ومفيدا بقدر ما يتجه الى ما يرضي الرأي العام .. وانه ليخاف من الرأي العام لسانه فقط .. والمرأة عندنا لا تساير التقاليد حبا في التقاليد وانما خوفا من لسان المجتمع .. والعامل عندنا لا يتقيد بمثل تقيده بمثل الناس .. وانه ليخاف فقط من السنة الناس .. فاننا جميعا نعي في رعب دائم من السنة الناس .. فكثيرا ما يدعى المرء الي حفلات تقام تكريما لفلان او وداعا لعلان فيسمع بين خطب الثناء البليغة وقصائده الرنانة همس النقد ومعاني البغض .. ذلك ان الناس اعتادوا تكريم من يستحق ومن لا يستحق تمشيا مع روح المداهنة والملق .. ويثير هذا النفاق غضبي حتى انني لأود أن اقف بين الجالسين وأقول للمحتفى به لا تصدق كلمة كلمة واحدة من هذا الكلام .. فلا أنت محبوب ولا انت دمث الاخلاق ولا انت كريم .. انا نكرهك من صميم قلوبنا ونتمنى الخلاص منك وفي اقرب وقت مستطاع .. ولو سرت مع رغباتي وايماني لصارحت المكرّم بحقيقة شعورما يقوم بتكريمه .. ولقلت له جهرا ما يقال همسا .. ولكنني لا استطيع ان أفعل ذلك .. لأنني لو فعلت ذلك لسلقني الناس بالسنتهم المقذعة وعاقبوني علي فضح سرهم بالنقد الظالم والسباب الكاذب .. فأضطر الى حضور حفل التكريم باسما وأصفق مع المصفقين لأانني لو سرت مع رغباتي الحقيقية لقال الناس في شخصي الضعيف ما قاله مالك في الخمر وما لم يقله .. ولاعتبروني معتوها يهذي بما لا يعرف .. وربما يتطور الامر فيقذفوا به في التيجاني الماحي!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى