حد القول –  حسن السر  – التلفزيون القومي السوداني… صوت الكرامة في زمن الحرب

 

في لحظة فارقة من تاريخ السودان، ومع بداية معركة الكرامة، برز تلفزيون السودان كأحد أهم خطوط الدفاع الإعلامي، متحديًا ضعف الإمكانيات ليصنع المستحيل. لم يكن مجرد شاشة تنقل الأخبار، بل كان نافذةً للأمل، ووسيلةً لتطمين الأهل خارج البلاد، وزف بشريات النصر، وتمجيد الشهداء الذين ارتقوا دفاعًا عن الوطن.

البث من الشمال إلى الشرق
في الأيام الأولى، انطلق البث من الولاية الشمالية، ثم انتقل الطاقم إلى بورتسودان حيث وجد الترحاب من أهل الشرق. قناة البحر الأحمر سلّمت استوديوهاتها، لتبدأ ملحمة العمل المشترك بين الإعلاميين، في صورة تجسد وحدة الصف الوطني والإصرار على مواجهة التحديات.

برامج توثيقية تكشف الحقيقة
لم يكتف تلفزيون السودان بنقل الصورة المباشرة، بل أنتج برامج خاصة توثق انتصارات القوات المسلحة في مختلف الجبهات. هذه البرامج عرضت مشاهد من أرض المعركة، وأجرت لقاءات مع الجنود والقادة، لتكون سجلًا حيًا للبطولات. كما فضحت الأكاذيب التي روجتها المليشيات عبر حملات إعلامية مدعومة، وكشفت للرأي العام المحلي والدولي زيف دعايتهم.

شهداء تلفزيون السودان في القصر… دماء كتبت ملحمة الكرامة
في معركة تحرير القصر الجمهوري، ارتقى أربعة من الفريق الإعلامي لتلفزيون السودان إثر استهدافهم بمسيرة انتحارية من قبل مليشيا الدعم السريع، وهم:
– مدير البرامج والمخرج فاروق الزاهر
– المصور مجدي عبد الرحيم
– المخرج والمونيتير إبراهيم مضوي
– سائق عربة التغطية وجي جعفر

كما استشهد في ذات الحادث مدير الإعلام العسكري المقدم حسن إبراهيم والنقيب عماد الرشيدي، ليضافوا جميعًا إلى سجل الشرف الوطني.

لقد دفعوا حياتهم ثمنًا للكلمة الحرة، وتركوا وراءهم إرثًا خالدًا من التضحية والإيمان بالوطن. دماؤهم الطاهرة صارت عنوانًا لصمود الإعلام السوداني، ورسالةً للأجيال القادمة بأن الإعلام الوطني لا ينكسر أمام التحديات.

تحية وفاء وعرفان
– تحية لشهداء القصر الذين جعلوا من أرواحهم جسرًا لعبور الحقيقة.
– تحية لمن صمدوا في قلب الخطر ليبقى السودان حاضرًا في الوعي العالمي.
– تحية لمن أثبتوا أن الإعلام الوطني هو خط الدفاع الأول، وأن التضحية في سبيل الوطن لا تعرف حدودًا.

لم يكن عمل الفريق الإعلامي في تلك الأيام سهلًا، فقد كان العاملون في قناة السودان يفترشون الأرض، يعملون في ظروف بالغة القسوة، بلا تجهيزات كافية، لكنهم واصلوا الليل بالنهار ليبقى صوت السودان حاضرًا، وليظل البث مستمرًا رغم كل التحديات.

لقد كان تلفزيون السودان مرآة السودان، وخط الدفاع الأول ضد الحملة الإعلامية المضللة التي رتبت لها المليشيات الإرهابية بدعم خارجي. وهنا نستحضر قول الله تعالى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، فانتصر إعلام السودان بأقل الإمكانيات على إعلامٍ مدعوم بالمال والنفوذ.

مرحلة التعافي
واليوم، ومع بداية مرحلة التعافي، عادت قناة السودان لتبث نشرة الأخبار الخاصة بالأحداث في ولاية الخرطوم من مدينة أم درمان، في إشارة واضحة إلى عزمها على استعادة دورها الريادي كصوت الوطن وذاكرة الشعب.

آخر القول
نرفع القبعات احترامًا وتقديرًا لكل العاملين بتلفزيون٠ السودان في فترة الحرب، وندعو رئيس مجلس الوزراء إلى تكريمهم بما يليق بعطائهم، فهم جنود الكلمة والصورة، وحماة الوعي الوطني.
كما نرسل رسالة إلى وزارة الثقافة والإعلام بضرورة زيادة الاهتمام بالإعلام الوطني، وتفعيل الشراكات مع الدول الصديقة، وتقديم الدعم الفني اللازم، لتظل القناة صوت الوطن وذاكرة الشعب، ودرعًا إعلاميًا يحمي السودان من حملات التضليل.

كسرة
أنتم في الشدة بأس يتجلى
عافيتكم عافية وطن

Exit mobile version