
في لقائه بمجموعة سودانية وتركية من الرموز وأصحاب الرأي والتأثير ، ورهط من صحفيين سودانيين و أتراك ، بالسفارة السودانية بأنقرة مساء السبت ، قدم الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة ، صورة كاملة مترعة بالتفاصيل حول زيارته لتركيا ، ودلق معلومات مهمة حول مسارات وتطورات الأحداث ومقترحات الحلول المطروحة لإنهاء حرب السودان ، مرسلاً رسائل واضحة لجهات داخلية وخارجية أراد ان تسمع تحذيره وعزم البلاد .
تحدث كأن لم يتحدث من قبل، و يبدو ان نجاح زيارته للعاصمة التركية ، إنعكس علي اللقاء وتزيا به ، كان اول إبتداره هو الشراكة الاستراتيجية بين السودان وتركيا التي اقرت بكل تفاصيلها بين الرئيسين وقدم شكره للرئيس رجب طيب اردوغان و مواقفه التابعة من احساسه القوي بتجذر وعمق العلاقة بين البلدين مما دعاه للحديث ثلاث مرات في اسبوع واحد وفي مناسبات مختلفة عن السودان ، وتعني العلاقة الاستراتيجية أن التضامن والتناصر والتعاون قد انتقل من مراحل التفاهم الي التطابق والهم المشترك وإيجاد آليات حقيقية فاعلة في تدعيم هذا التوجه و تعزيز فرص النجاح وتمتين العري و الوشائج التي تربط البلدين ، وهي صلات تاريخية قديمة وصفها البرهان انها لم تبدأ من الحقب السابقة والفترات الاستعمارية ، فجذورها أكثر غوراً من ذلك ..
أبانة رئيس مجلس السيادة ، ان الفترة المقبلة ستشهد الانتقال الكامل للعلاقات الثنائية لتصل المدي المنظور الذي حدد لها في كل المجالات التي عناها الرئيس التركي في الصُعد الاقتصادية والزراعة والتعدين والصناعات الدفاعية ، وليس بعيدا من ذلك ان تركيا باتت من فترة تنظر الي السودان كضلع رئيس في استراتيجية أمنها القومي كما قال الرئيس اردوغان ان امن السودان من امن تركيا القومي ، وتستوجب التطورات في حرب السودان واليمن وما يجري من تدخلات دولية واقليمية في القرن الأفريقي ، تحركاً تركياً فاعلاً في السودان وجواره بغرض تحقيق الاستقرار والطمأنينة والسلام في المنطقة ، حتى يُدرأ عن الإقليم خطر الفوضي والتقسيم ومحاولات رسم جغرافيته السياسية لتتوالد الدويلات القزمية وسط بيئة لزجة زلقة .
إذا كانت زيارة البرهان قد حسمت الخيارات وحددت الوجهة ، فإن المتوقع هو الانخراط الفوري لبناء منظومة عمل استراتيجي يشمل المجالات التي تم التفاهم حولها وسيجعل ذلك من إخماد نار الحرب ، وتبادل المنافع والمصالح ، وتلك آفاق حيوية دخلت في مدارها علاقات البلدين ..
على ذاك ، جاء لقاء البرهان ، ترجمة حاضرة لما تمخضت عنه الزيارة ، عندما استعرض الأوضاع في السودان تناولها بثقة عالية في تحقيق نصر و إنهاء التمرد و بناء مؤسسات الدولة القوية القادرة على تحقيق تطلعات السودانيين .
جاء الحديث عن التعاطي الإقليمي والدولي حول القضية السودانية ، و مقترحات الرباعية الأربعة التي قدمت ورفضت ،وتناول منهج السودان في التعامل معها وجدية الدولة في الوصول إلى نهاية الحرب بشروط الشعب السوداني وبإرادته القوية المتجسدة في تمازج الجيش والشعب وتوحده لدحر التمرد وحلفائه ..
لم يخف البرهان شيئا … كان صريحاً ، واضحاً في سرده لمعلومات مختلفة حول الحوار مع الولايات المتحدة ، والمرات التي جري فيها حوار مباشر مع الإمارات ومن بينها حديث هاتفي مع محمد بن زايد وما جري في واشنطون بين وفدين سوداني و اماراتي ، ولماذ يرفض السودان وجود الإمارات في الرباعية وفي اي وساطة اخري ؟ ولماذا يجب إنهاء التمرد واستسلام المليشيا عبر التفاوض او الحل العسكري ..؟
اسئلة كثيرة ظلت مطروحة منذ فترة ، أجاب عنها رئيس مجلس السيادة في حديثه الطويل ومن خلال إجاباته المحكمة التي قصد أن تكون محكمة محددة واضحة ، فالرئيس الامريكي ترمب لديه نوايا ورغبات وينتظر من انتاج افكار حول كيفية الحل وهو ما لم يطرح حتي الان لكن هناك تغيير في الموقف الأمريكي بعد زيارة ولى العهد السعودي إلى واشنطن، قضايا الداخل خاصة تطورات الحرب و الاستنفار والمقاومة الشعبية والشباب المقاتل مع القوات المساحة والقوات النظامية الاخري واستسلام المليشيا ، جاء حديث البرهان عنها مباسراً ووافيا لا لبس فيه ولا غموض مفاده ان لا مكان المليشيا وقادتها وستتحرر البلاد منها وتنعم بالأمان ، ولا يستطيع حلفائهم وداعميها والمتآمرين معها من العودة ومواجهة غضب شعب السودان العظيم ..
خصص البرهان جزء كبير من كلمته وردوده علي الاسئلة عن الموقف الراهن من التفاوض وما يشاع عن هدنة ووقف إطلاق النار ، وزاد كيل بعير في هجومه علي دولة الإمارات وعدوانها علي السودان ومشاريعها السياسية التي تسعي لها ، وقطع بان ما يجري في صومالي لاند ومحاولة تقسيم اليمن ستكون نتائجه وخيمة علي كل دولة او قوى تسعي لتقسيم بلدان المنطقة وتفتيتها وموقف السودان واضح في هذه القضية .
ما يستخلص من حديث البرهان ان الدولة ماضية في تأمين البلاد بأحلافها الاستراتيجية ومع حلفائها الدوليين وبإرادتها وشعبها الصابر ستكسب الرهان



