وزير الثروة الحيوانية والسمكية : أقنعنا عدة دول لرفع حظر استيراد الحيوانات من السودان

وزير الثروة الحيوانية والسمكية : أقنعنا عدة دول لرفع حظر استيراد الحيوانات من السودان

*هذه هي خططنا لتطوير الثروة الحيوانية (…..)..*

*الخسائر أثناء الحرب اللعينة (…..)*

*عندما تقلدت المنصب وجدت (…..)*

أقنعنا عدة دول لرفع حظر استيراد الحيوانات من السودان

*نرغب فى مدينة شبيهة بما أنشأه مهاتير في ماليزيا..*

*قطاع كبير من ملاك الثروة الحيوانية يمتلكونها للوجاهة الاجتماعية..*

*حوار _ محمد جمال قندول*

يحتكم على رؤية قد تسعفه لإحداث تغيير بأحد أهم قطاع للموارد في البلاد. الحديث هنا عن الثروة الحيوانية ذلكم المورد المهم لخزينة الدولة.
(الكرامة) استنطقت وزير الثروة الحيوانية والسمكية البروفيسور أحمد التجاني عبد الرحيم المنصوري ووضعت أمامه أسئلة ساخنة كان الرجل حاضرًا بإفادات مستعرضًا حجم الأضرار التي خلفتها الحرب، وخطط إعادة تشغيل المسالخ، ورفع الحظر عن الصادر، وتطوير السلالات القومية وغيرها من المحاور المهمة.

بداية دعنا نبدأ بالتحديات التي تواجه الثروة الحيوانية؟

الثروة الحيوانية تضررت ضرراً كبيراً أثناء هذه الحرب اللعينة، ونفق عدد كبير من الحيوانات بسبب الجوع، ونفق آخر بالرصاص، وكذلك بالأمراض، لعدم وجود أي تطعيم خلال فترة الحرب.

بعد تقلدك للمنصب، كيف وجدت الواقع؟

وجدت أن المسالخ جميعها متوقفة، وكذلك التصدير متوقف. والحمد لله، جهزنا في قطاع الثروة الحيوانية سبعة مسالخ للتصدير، وكانت لدينا مخاطبات مع الأسواق السعودية، والكويتية، والقطرية، والألمانية، والبحرينية، وأقنعنا هذه الدول برفع الحظر عن استيراد الحيوانات من السودان. وكانت لديهم تحفظات بخصوص مرض الكوليرا، فأخذنا خطاباً من وزارة الصحة، وتواصلنا مع الأخ الوزير الدكتور هيثم، وأفاد بأن الكوليرا محصورة في بعض المناطق وليس كل السودان، وقمنا بإقناع هذه الدول بأنها تستورد من المناطق الخالية من الكوليرا.

هناك من يتحدث عن قروض تطوير السلالات القومية في الماشية والثروة الحيوانية، كيف تنظرون إلى هذا الملف؟

بالتأكيد، السلالات القومية لدينا ثلاث سلالات رئيسية: أبقار الكنانة، وأبقار البطانة، وأبقار النيلاوية (الضعين). هذه الأبقار من سلالة الزيبو الهندية الأصل، وهي تتحمل الأمراض والحرارة العالية، ولديها مقاومة كبيرة، لكن إنتاجيتها ضعيفة جداً، لذلك تُستخدم غالباً للحوم، كما أن ثقافة المنتجين في ولايتي كردفان ودارفور ليست ثقافة إنتاجية. فمتوسط وزن العجل (التور) لا يزيد عن 80 إلى 90 كيلوغراماً، مقارنة بالعجول الأوروبية الأصل مثل (الأبردين أنغس) و(السمنتال) التي يصل وزنها إلى 550 كيلوغراماً، ويصل وزن التور فيها إلى 1200 كيلوغرام، وقد شاهدت توراً في المعرض الأخير في ألمانيا كان وزنه 2400 كيلوغرام، ويزيد وزنه بمعدل 100 غرام في الساعة.

وماذا عن قطاع الألبان، وكيف تقارن بين السلالات المحلية والأوروبية؟

نحن في السودان نعتمد أساساً على أبقار الكنانة، ونعتبر البقرة التي تحلب 8 أرطال بقرة جيدة، بينما الأبقار الأوروبية الأصل مثل (الفريزيان) و(الجيرسي) و(الشارولي)، وأفضل سلالتين لإنتاج الحليب هما (الجيرسي) و(الفريزيان) ، حيث تنتج بعض الأبقار 63 إلى 65 لتراً، أي ما يعادل نحو 170 رطلاً، مقارنة بـ 8 أرطال فقط، ولذلك لا بد أن نفكر تفكيراً اقتصادياً، وقد بدأنا عملاً حقيقياً وليس تنظيراً.

كيف ترجمتم هذا التفكير الاقتصادي إلى خطوات عملية على الأرض؟

مسالخنا الآن جاهزة للتصدير، وجلبنا مستثمرين سعوديين اشتروا حصة من مسلخ القضارف وبدأ العمل، كما جلبنا مستثمرين عُمانيين للاستثمار في ساحل البحر الأحمر، وزرنا مجمع البركة في بورتسودان الذي يضم قرابة 30 ألف رأس. اجتمعنا مع الوالي والبنوك، ووضعنا دراسة جدوى وافقت البنوك على تمويلها، كما اجتمعنا مع المصدرين والمهربين وصغار المربين في كسلا والقضارف والولاية الشمالية، واتفقنا على زيادة القيمة المضافة للذبيحة عبر الاستفادة من الجلود والمصارين والقرون، بما يضاعف سعر الذبيحة من ثلاثة إلى أربعة أضعاف، ويجعلها أعلى من سعر الصادر الحي. كذلك زرنا مجموعة زادنا في الولاية الشمالية، واتفقنا على التعاون في نقل الأجنة عالية الإنتاجية، بعد أن أنجزوا البنية التحتية وإنتاج السيلاج والبرسيم عاليي الجودة، وسنعمل معهم في مشاريع “زادني ون وتو”.

قطاع كبير من ملاك الثروة الحيوانية يمتلكون الثروة الحيوانية للوجاهة الاجتماعية ولا يساهمون في التطوير والتنمية الريفية، هل وضعتم خططاً لمثل هذه الإشكاليات؟..

نعم، وضعنا خططاً، ونحن على ثقة بأنه بعد توقف الحرب في ولايتي كردفان ودارفور، لدينا برامج جاهزة للتنفيذ لزيادة الإنتاجية واستقرار القبائل الرحل في مكان واحد، بحيث نقدم لهم الاستقرار وبرامج لرفع الإنتاجية إلى 20 و40 و60 رطلاً، وصولاً إلى 100 رطل، مع إنشاء مصنع للألبان، نجمع فيه المنتجات من المربين، ونقوم بتعديل حظائرهم لتكون مطابقة للمواصفات العالمية.

كما بدأنا إعداد دراسة لتطوير هذه المشاريع، ولوقف الاقتتال بين القبائل على المرعى، وللاستقرار الشبابي. ونرغب في إنشاء مدينة شبيهة بما أنشأه مهاتير محمد في ماليزيا باسم (بوتراجايا)، حيث يُمنح الشاب بيتاً مكوناً من غرفتين وبجواره مزرعة ألبان.

ناقشنا هذا الموضوع مع منظمات عالمية مثل (الإيقاد) و(الفاو)، وجميعهم أبدوا استعدادهم للتمويل. وخلال أيام الحرب سعينا لجلب استثمارات، ومكثنا في دول مجلس التعاون الخليجي، وأسّسنا شركة الروابي للألبان من الصفر، وأصبحت الشركة الأولى في دولة الإمارات. لدينا علاقات مع رجال أعمال من الخارج لديهم ثقة في التعاون معنا، ويرغبون في الاستثمار في المناطق الآمنة. كما تواصلنا مع رجال أعمال وطنيين، وبعضهم أبدى استعداده للدخول في الاستثمارات إذا دخل المستثمرون الخليجيون، خاصة أن عدداً كبيراً منهم تأثر بالحرب، مما جعلهم مترددين في الدخول في استثمارات كبيرة.

هل لديك خطة زمنية للنجاح في هذا المجال؟

نعم، خطتي الاستراتيجية مدتها خمس سنوات، نحن حكومة الأمل مدتها ثلاث سنوات، ومن سيأتون بعدنا ستكون الخطة موجودة ليكملوا ما بدأناه، طلبنا عروضاً لإنشاء مصنع ألبان في مجمع البركة، وكذلك مصنع علف مركز لتوزيعه على المربين في المجمع. اللبن الذي نجمعه من مجمع البركة سيتم تصنيعه، وسنقدم للمربين الخدمات البيطرية والإرشاد والأدوية.

كما نعمل على دراسة لتوطين صناعة الأدوية واللقاحات، ونرى أن توطينها أمر ضروري. كذلك نعمل على إعداد تطبيق إلكتروني لمحاربة البيروقراطية والفساد، بحيث لا يحتاج المستثمر لمقابلة أي موظف، ويستطيع إنجاز معاملته عبر الهاتف، وتصدر له الموافقة فوراً، ويقوم بالدفع إلكترونياً لتدخل الأموال مباشرة إلى خزينة الدولة.

الثروة الحيوانية تضررت من الحرب، خاصة في كردفان ودارفور، هل هناك قياس لهذا الضرر؟

ليس لدينا أعداد محددة، لكن الضرر كبير ويُقدّر بمليارات الدولارات. وضمن الخطة الخمسية، طلبنا من منظمة الفاو إعادة تعداد الثروة الحيوانية، لأن آخر تعداد كان في التسعينيات. وبالتأكيد العدد كان قد زاد، لكن الحرب وفترتا الجفاف اللتان مرّ بهما السودان تسببتا في نقص كبير، ولا توجد حالياً أرقام دقيقة.

قبلت بالموقع الوزاري في ظروف استثنائية ومعقدة، ألا تخشى من عواقب الفشل؟ وما الجديد الذي ستقدمه في هذه الوزارة؟

بالتأكيد، عندما تركت منصبي في شركة الروابي للألبان، لم أنظر للجوانب المادية، رغم أن الفارق شاسع جداً. جئت إلى السودان، ووجدت أوضاعاً كنت متوقعها، وليست غريبة عليّ، من قوانين وتقاطع صلاحيات وبيروقراطية الدولة. ونحن في حكومة الأمل، نحاول مع رئيس الوزراء معالجة هذه البيروقراطية بالتكنولوجيا الحديثة، ووزير الاتصالات والتحول الرقمي يعمل معنا يداً بيد للقضاء عليها.

ما جديدكم في هذه الوزارة؟

الجديد الذي أقدمه هو أن هذه أول خطة استراتيجية توضع بطريقة تنفيذية. هناك فرق كبير بين خطة تنفيذية وخطة إنشائية، فمعظم الخطط السابقة كانت إنشائية ولم تُنفذ. الخطة التنفيذية تعتمد على مشاريع محددة، ولدينا حوالي 37 مشروعاً، وقد نضيف ثلاثة مشاريع من المجلس الاستشاري. جميع هذه المشاريع وُضعت بصورة تنفيذية، ولكل مشروع أهداف محددة وقابلة للقياس.

قمنا بتدريب كل الكادر الإداري في الوزارة على نموذج (4DX) لتنفيذ الخطة الاستراتيجية وقياس الأداء أسبوعياً بشفافية كاملة بين الأقسام وبيني كوزير. لذلك أنا واثق من تنفيذ هذه الاستراتيجية.

وبالتأكيد، التحديات الموجودة في السودان لا تخص وزارة الثروة الحيوانية وحدها، بل تعاني منها جميع الوزارات، خاصة تقاطع الصلاحيات والبيروقراطية. لكننا كوزراء في حكومة الأمل متفاهمون، ونستغل الأسواق الكبيرة القريبة منا، ودول مجلس التعاون، والسوق المصرية. ولدينا تفاهمات مع الجامعات السودانية، واتفقنا مع جامعة القضارف على إنتاج لحوم عضوية، وسنواصل تنفيذ هذا المشروع معها.

Exit mobile version