أخر الأخبار

ضل التاية – بروفيسور ابراهيم محمد آدم – في الخالدين الملازم اول عز الدين

لأول مرة أجد نفسي عاجزاً عن الكتابة، ها قد تخير حزني الدمع لكي يسمى بكاء فقلت في قروب ابو عريف الحبيبة حين قرأت ذلك الخبر الجلل لأول الأمر اننى لا أستطيع الكتابة عنك حتى تمالكت نفسي في اليوم التالي، فصورتك كانت تطوف بذهني نهار ذاك اليوم وليله الشتوي الطويل.
استوعبت لاحقا تلك الجملة المبشرة وإن كانت صادمة في الوهلة الأولى، استشهد عز الدين ثم استوعبت لاحقاً إنه الآن يعيش ويرزق في عليين مع الشهداء والصديقين . نعم لم يمت عز الدين فهكذا قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ۝ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ۝ .وما اعظمها من مكانة يستحقها شخص مثلك فالموت هو سبيلنا جميعاً ولكنك نلت هدفك الذي هو ديدن حياتك التي كان تجسد كل ذلك سمتك وصمتك وأدبك واحترامك للجميع تنبئ انك ستكون باذن الله في زمرة الشهداء والخالدين.
في شهادتي يكفي ان اقول انك لم تناديني نداء مباشرا او كتابةً الا بعبارة يا عمي، لم تلحقها حتى باسمي إبراهيم واحسب أن ذلك براً كبيراً، نعم ابوك بشارة هو اخي ووالدتك اخت كريمة ابنة عم كريم هو ادريس اسماعيل الذي تعلمنا منه سمح السجايا وكريم الخصال فقد عاش للناس اكثر من نفسه، ولذلك لا عجب ان كنت ذلك الغرس الطيب لهذه الاسر الكريمة، وقد كنت اتابع خطواتك وانت تسير بين بخ ويا مرحي به ، حتى ختمت حياتك الدراسية بالتخرج في مصنع الرجال وعرين الابطال الكلية الحربية السودانية، فتزين كتفك بنجمات تنير لك جادة الحق وسواء السبيل، لتتقدم الصفوف دفاعاً عن العرض والأرض بعد ان تعرض السودان لمؤامرة دولية كبرى ، كانت المليشيا فيها فقط بيادق تنفيذ .
يوم تخرجك كان يوماً لا ينسى فإضافة الى فرحتنا بك بحضور الأسرة والاصدقاء والأهل في استاد الكلية الحربية سعدنا بالخطاب القوي لرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وهو ينذر فولكر بيرتس رئيس بعثة اليونتامس سيئة الصيت ويحذره من مغبة التدخل في السيادة السودانية، وحينها كانت خيوط التآمر قد بدت ظاهرة لكل من القى السمع والبصر وهو شهيد .
بعد التخرج كان شعارك فاذا فرغت فانصب وقد انصببت الى عمل آخر هو السعى للارتقاء بالمنطقة ولو من على البعد، فكلما سنحت لك الفرصة كان رأيك السديد مبذولاً من خلال ذلك القروب الذي اشرت اليه في أول هذا المقال وقد اسسته انت واشركت فيه معظم ابناء المنطقة على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم واعمارهم واهتماماتهم ومستوياتهم، فقد كنت صغيرا يفوقنا نحن الكبار في شحذ الهمم،ولم تنس السعى لاكمال نصف دينك ولكن واجبك نحو الوطن غلبته على واجبك الشخصي فكافأك الله بحور عين تختار منها حيث تشاء فربح البيع يا عز الدين، لانك فعلا عززت الدين وربما كان هذا هو هدف والدك بشارة حين أعطاك حقك في عظيم الاسماء، ومن أجل ذلك كانت محطتك الاولى والاخيرة بابنوسة القميرة وهي تعني “القمر” أو ما يضيء، وهو لقب يحمل معاني الأمل والجمال والأهمية، في خدمتك هناك اصبت اصابة بالغة ولكن بعد التعافي عدت سريعا لواجباتك القتالية في تلك القميرة التي شهدت ترقيتك الى الرتبة الاعلى التي صعدت بها ايضا الى الرفيق الاعلى لتنال منه الدرجات والنجمات العلى في الاخرة ، نعم تدافع عن تلك المدينة التي كانت وادعة حتى لا يذهب بريقها وأهميتها التي خفتت بفعل ظروف الحرب اللعينة الكريهة الصعبة التي فرضها علينا اولئك الذين لا يجتمعوا الا على الدمار ويحملون دوماً معاول الهدم والخراب ذلك لان نفوسهم ونواياهم خربة ، تلك التي أثرت على حياة الناس ومستقبلها، ولكنك بدماءك رويت املا جديداً باذن الله .
ابني عز الدين الآن تمالكت نفسي واوقفت البكاء فعلي ان افرح انك بلغت مقام الشهداء والصديقين فنلت كل عظيم الخصال فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للشهيد عند الله سبع خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنسانًا من أهل بيته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 + 8 =

زر الذهاب إلى الأعلى