أخر الأخبار

القبضة الهادئة… كيف استعاد جهاز المخابرات زمام الأمن؟

 

بقلم: أمل أبوالقاسم

في خضم حرب معقدة تتداخل فيها الجبهات الداخلية والخارجية، يبرز جهاز المخابرات العامة كإحدى المؤسسات التي استعادت زمام المبادرة وظهرت بوصفها أحد الأعمدة التي تتكئ عليها الدولة السودانية في مواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة. التطور الذي شهده أداء الجهاز خلال الأشهر الماضية لم يكن مجرد نشاط روتيني؛ بل عودة استراتيجية إلى دوره المركزي في حماية الأمن القومي، وهو ما انعكس بوضوح في العمليات النوعية والتحركات الميدانية وروح المؤسسة داخليًا والخطاب الموجه للدولة والمجتمع.

يُعد نجاح الجهاز في إعادة تنشيط هيئة العمليات ودمجها بفاعلية ضمن خطط تأمين العاصمة القومية من أبرز التحولات الأخيرة. فقد أسهم هذا الانتشار في إغلاق العديد من الثغرات وتعزيز الأمن الوقائي، وهو ما مكّن الخرطوم من امتصاص محاولات التخريب والتسلل في توقيت بالغ الحساسية.

لم يقتصر دور الجهاز على العاصمة، بل تمدد إلى ولايات عديدة عبر عمليات مشتركة أسهمت في استقرار مدن شهدت اضطرابات متقطعة. عودة حضور الجهاز في الولايات رفعت من مستوى التنسيق الأمني ورسّخت فكرة أن الدولة قادرة على إعادة فرض سلطانها رغم ظروف الحرب وهو ما اربك العدو رغم محاولته الالتفاف على إقليمي دارفور وكردفان.

ومن الدلالات اللافتة في الشهور الأخيرة اهتمام الجهاز بإنسانه. فقد تولى تأسيس جسم يُعنى بالجرحى وأسر الشهداء، وهو تحول يعزز تماسك المؤسسة ويمنح منتسبيها شعورًا بأن تضحياتهم محفوظة.
وفي هذا السياق جاءت زيارة الفريق أمن مفضل إلى السلاح الطبي حيث يرقد جرحى العمليات، وهي زيارة حملت رسالة دعم واضحة ورفعًا للمعنويات. ومعسكر سركاب، حيث يرقد شهداء معركة الكرامة وأفراد الجهاز في مقبرة به ، وفي ذلك تذكير دائم بعبء المسؤولية واستمرارية المواجهة. وتذكيرًا بأن هذه المؤسسة لا تنسى من قدموا أرواحهم دفاعًا عن السودان.

وعندما نتحدث عن جهاز المخابرات العامة لا يفوتنا إبراز دوره كذراع دعم لوزارة الخارجية في مواجهة الروايات المضللة التي تحاول تسويق صورة مختلة عن الحرب. وقد نشط في إقامة الفعاليات بالخارج، وتنظيم ملتقيات للجاليات السودانية، وتقديم إحاطات تعكس واقع المشهد الأمني بعيدًا عن المبالغات والدعاية السياسية وما يسعى داعمو المليشيا لترويجه بغية تشويه صورة السلطات السودانية، فضلا عن الحرص على طمأنة السودانيين حول أوضاع بلادهم.

أكدت التصريحات الأخيرة للفريق مفضل الرجل الذي يعمل بصمت وتؤدة رغم ضجيج وعلو كعبه في كافة الملفات الأمنية. أكدت تصريحاته امتلاك الجهاز معلومات دقيقة حول خطوط الدعم الإقليمي للمليشيا المتمردة، ما يشي بأن الجهاز يعمل في إطار فهم شامل للتهديدات، ويعالجها عبر مزيج من الرصد الهادئ والتواصل الإقليمي وإفشال التحركات قبل ظهور نتائجها للعلن.

انخرط الجهاز في مبادرات لإعادة المواطنين تدريجيًا إلى العاصمة، وتقديم مساهمات في تأهيل الخدمات، خصوصًا في القطاعات الصحية والتعليمية. هذا التوجه يرسل رسالة واضحة: المعركة ليست عسكرية فقط، بل مجتمعية أيضًا، وعودة الحياة الطبيعية جزء من استراتيجية استعادة الدولة. وقد ظل الجهاز وقيادته يمدون يدهم بيضاء من خلال المبادرات المجتمعية.

صحيح ان لجهاز المخابرات اليد الطولى في مكافحة ، الاتجار بالبشر والتهريب وغير ذلك، إلا ان عمليات مكافحة الأخيرة تطورت—سيمل تهريب الذهب—بشكل ملحوظ، ما أدى إلى إغلاق مسارات كانت تستنزف موارد البلاد. كما عزّز الجهاز وجوده على خطوط التهريب والمعابر، مانعًا تسرب الموارد الاستراتيجية في وقت تحتاج فيه الدولة إلى كل مقومات الصمود الاقتصادي.

خلال زيارته الأخيرة للخرطوم ركز الفريق مفضل على ملف الخلايا النائمة، مشيرًا إلى نجاح الجهاز في وأد عدة بؤر تمرد وتفكيك شبكات خطيرة خلال الفترة الماضية.
هذه الرسالة تؤكد أن الجهاز لا يكتفي بالدور الدفاعي، بل يعمل هجوميًا لقطع الطريق أمام أي تهديد قبل أن يتفاقم.

أدوار الجهاز تحت قيادة مديره مفضل لا يتسع المجال لذكرها. كيف لا وهو ذراع أمني أصيل سابقا، ثم في أهم فترة يشهدها السودان، ولاحقا تبعا لأوضاع. لكن من الواضح أن جهاز المخابرات العامة يعيش مرحلة إعادة تموضع ناجحة أعادته إلى دور الحارس الأول للأمن القومي. ورغم صعوبة اللحظة وتشابك ملفات الحرب، إلا أن مؤشرات الأداء الحالية تعكس مؤسسة استعادت ثقتها بنفسها بعد ان ارادوا بها هوانا، وتعمل وفق رؤية أمنية ومجتمعية متوازنة، واضعة نصب عينها هدفًا مركزيًا: حماية السودان مهما تعقدت الظروف، ومهما تكالب عليه الأعداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة − اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى