كان خطاب رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان القائد الأعلي للقوات المسلحة أول أمس حدثا غير عادياً ولا يمكن تجاوز محتواه ومدلوله سواء كان ذلك من حيث المكان الذي ألقي فيه الخطاب او الذين خاطبهم او التوقيت الذي جاء فيه…
ان الظروف السياسية في البلاد تقتضي ان يقول رئيس مجلس السيادة كلمته بوضوح وشفافية بعد ما تم تداوله علي كل الأوساط من حديث عن مفاوضات سرية او طرح هدنة محتملة او الرجوع الي الرباعية سيئة الذكر وكل ذلك كان قد لقي حظه من التداول والتأويلات عقب اللقاء الذي جمع بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالب ترامب وما رشح من حديث حول خروج الإمارات من مركز صناعة القرار أو إستعداد جديد لدونالد ترامب بعد إستوعب قضية السودان من ضيفه وعزم أمريكا الدخول بثقلها في موضوع الحرب والسلام في السودان وكل ذلك لا يعدو كونه تبادل ادوار ومحاولة تخدير لحكومة السودان وشعبها لتحقيق نفس الأهداف التي خطط ورسم لها المجتمع الدولي مستخدما دولة الامارات وقوات الدعم السريع لإنفاذ المهمة الشيئ لم يغب علي الحكومة او الشعب..
هذا من حيث التوقيت اما من حيث المكان والجهة التي خاطبها الرئيس فهي تمثل بعدا أكثر عمقا وابلغ رمزية حيث كانت قيادات الجيش وفي مقارها هي مكان الخطاب بما يعني ان الرسالة لهؤلاء القادة الذين يديرون المعارك الآن ويقدمون ارواحهم رخيصة في سبيل الوطن يعملون جنباً الي جنب مع القوات المشتركة وجهاز المخابرات العامة والمستنفرين وبدعم كامل من الشعب السوداني ليس حباً في الحرب فهي كره للجميع ولكنها مفروضة ولا مجال للتراخي والتقاعس في ظل ظروف يحتل فيها التمرد والمرتزقة والمليشيا كل اقليم دارفور وبعض أجزاء كردفان فتحرير تراب الوطن أصبح اولوية قصوي وما عداها من حديث لا يعدو كونه ترفاً ليس هذا وقته بل كل عمل سياسي او دبلوماسي يجب ألا يتوقف لأنه لا يتعارض مع كل عمل عسكري علي الميدان..
فالرسالة واضحة ومحفزة للقوات المسلحة وقواها المساندة بأن الحسم العسكري لمن إحتلوا وانتهكوا وشردوا واغتصبوا هم الخط الذي تسير فيه الحكومة مدعومة بشعبها والرسالة للمجتمع الدولي بأن قرار اهل السودان لا يحدده الأجنبي أيا كان وان من إكتوا بنيران الحرب هم من يحددون توقيت ايقافها وفق شروطهم..
حمل الخطاب من حيث المحتوي رسائل ذات مدلول واضح فالرباعية سيئة الذكر التي تديرها الإمارات من وراء ستار اصبحت غير مبرئة للذمة ولا يجب الإلتفات لما تهرف به او تصدره من بيانات تحمل الكثير من التهديد وفرض شروط تم رفضها من الحكومة والشعب قاطبة…حمل الخطاب ردا حاسما لمبعوث ترامب مسعد بولس والذي اصبح الناطق الرسمي باسم الرباعية والذي ساوا بين الحكومة الشرعية والمتمردين والمرتزقة كما ان بولس ظل يردد عدم اعترافه بالحكومة ومؤسساتها الشرعية….
إن خطاب رئيس مجلس السيادة الأخير قد وضع النقاط علي الحروف وحدد خارطة الطريق التي سبق ان تم ايداعها لدي الأمم المتحدة ولم تقل فيها كلمة غير الادانات والبيانات الخجولة وجعجعة مستمرة وبلا طحين..الدعم الذي وجدته الحكومة من الشعب لهو اقوي دافع للجيش وقواه المساندة للمضي في تحرير كل تراب الوطن وبعدها لكل حادثة حديث..
قبل المغيب – عبدالملك النعيم احمد – خطاب البرهان وذمة الرباعية
