بينما نحن جلوس مساء أمس برفقة الصديق العزيز د. إدريس عبدالله ليمان، شاهدت عبر الصدفةُ المحضة حواراً للمليشي المجرم فضل الله بُرمه ناصر رئيس حزب (اللَمة القومي) بقناة الجزيرة مباشر ذاك الجنجويدي الحليف الأول لدقلو أخوان والداعم الرئيس للتمرد قُبيل الحرب بعامين أو يزيد، لم أكن أعلم بأنَّ نفاق بُرمه لهذا الأمر، ولم أكن أتخيّل الإنحطاط الأخلاقي الذي وصل له الثمانيني الذي لم يضع إعتباراً لعُمره وشيبه، ولكنه في نفس الوقت ليس غريباً عليه هذا الموقف الذي مثّل إرتكازاً لحِزبٍ دفع بجُل قياداته للعمل مع المليشيا منذ أن أعلن بيانه يوم أن ذكر بالبُنط العريض: (قوات ترتدي زي الدعم السريع وتزعم أنها تابعة للمليشيا)
لم أحتمل الإستماع لنفاق المليشي فضل الله بُرمه، الذي ظلّ يُمجّد زعيم العصابة المتمرد حميدتي، ولم يخجل في تبجيل قائد التمرد، كل ذلك من أجل حِفنةً من الدولارات والدراهم التي يصرفها قائد التمرد وشقيقه من أسيادهم في دويلة الشر التي يُحاربون عنها بالوكالة والأصالة؛ لا يتورّع الرجل في الكذب حتى وصل به بأن يصف هزيمة الجنجويد في العاصمة القومية بأنهم إنسحبوا للحفاظ على وحدة السودان، يُكذّب الرجل لدرجة جعلت مذيع الجزيرة مباشر يضحك فيه وفي إجاباته المُخجلة وهو شيء متوقّع من هذا الدعي الذي إعترف بعضمة لسانه بأنه مع حمل السلاح وكل القبائل التي يشتركون فيها مع قوات الجنجويد للمشاركة في الحرب.
موقف حزب (اللَمة) القومي يعكس حالة التوهان والعمالة والإرتزاق في أبهى صورها، ومنذ أن زعموا في خطابهم الشهير تجد دفاعهم عن الجنجويد واضحاً، لما لا وهمٌ المسؤولون عن (اللبِنات الأولى لإنشاء هذه المليشيات منذ الديمقراطية الديكتاتورية التي كانوا جزءً منها) اللواء فضل الله الذي وصل مناصب رفيعة في الجيش السوداني، ومن أجل الدراهم والدولارات والوصول للسُلطة إختار دعم حميدتي يوم أن وضعوا له الخُطط للسيطرة على الدولة تحت سِتار مُحاربة الحركة الإسلامية التي يُعد الدعم السريع عضواً فاعلاً فيها، وتم تشريع قراراته من قبل المؤتمر الوطني نفسه الذي يدّعي المليشي بُرمة بمحاربته، إنها إزدواجية المعايير التي سار فيها حزب (اللَمة) فهو ليس قومي كما يظنون بل إختار رئيسه الإتجاه القبلي لحزبٍ كامل، فظلّ يُدافع عن حميدتي ومرتزقته ويدعو القبائل لحمل السلاح ضد الجيش السوداني الذي أذاق التمرد الويل برغم الدعم المفتوح من نظام أبوظبي الديكتاتوري وبرغم توفير الغطاء السياسي من أمثال بُرمه ناصر وعُملاء الدويلة إلاّ أن الموقف القوي للجيش والحكومة القدح المُعلّى في الحفاظ على مؤسسات الدولة وإن رغمت أُنوف.
نحن على يقين وبمشيئة الله تعالى ستنتصر الحكومة السودانية بجيشها الوطني وقواتها المُسلّحة وإن تأخّر إلاّ أننا نراه قريباً جداً.
