
في زمن الحرب والنسيان… صوت الطفولة السودانية لن يُطفأ
طالما هنالك هنالك أمثال د.عبدالقادر أبو الامين العام للمجلس الاعلي لراعايه الطفوله
فبين دخان المعارك، وانشغال العالم بالخرائط السياسية والصفقات الإقليمية، يظل صوت الطفولة مهدداً بالصمت، والبراءة تحت الخطر. لكن في السودان، ذلك البلد الذي يكتب تاريخه وسط الرماد، وُجد من لا يزال يؤمن أن حماية الطفل ليست ترفاً إنسانياً، بل واجباً وطنياً وأخلاقياً.
الدكتور عبد القادر عبد الله أبو، الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة، لم يأتِ إلى موقعه بوصفه موظفاً عادياً، بل كحارس للضمير الإنساني في واحدة من أحلك لحظات السودان.
وتحت قيادته، تحوّل المجلس من مؤسسة بيروقراطية إلى منصة فعلية للدفاع عن حقوق الطفل في كل الولايات، خاصة تلك المتأثرة بالنزاع وبيتاً آمناً لكل قضايا الطفولة، من التعليم إلى الحماية النفسية، من التغذية إلى مقاومة التجنيد القسري والاستغلال.
وفي الزمن الذي تفككت فيه الأولويات، وضع الدكتور عبد القادر الطفولة في قلب المعادلة الوطنية. لم يكن ذلك سهلاً، في بلد تنهكه الحرب وتضيق فيه الموارد، لكنه فهم أن حماية الطفل هي حجر الأساس لإعادة بناء الدولة، وأن من يفقد أطفاله اليوم، يفقد مستقبله غداً.
ولقد قادر د. عبد القادر أبو جهود التنسيق بين الشركاء المحليين والدوليين، وساهم في إطلاق مبادرات إنقاذ عاجلة للأطفال المتضررين، ووقف ضد الانتهاكات بصوت واضح لا يخشى إدانة أي طرف. جعل من المجلس صوتاً مستقلاً للطفولة، لا تابعاً لمواقف سياسية أو مزاجات إعلامية.
ولأنه يدرك أن الطفولة ليست فقط أعماراً صغيرة، بل أرواح وأحلام، كان حريصاً على تعزيز برامج الدعم النفسي والاجتماعي، وتدريب الكوادر، وتفعيل التشريعات الخاصة بحماية الطفل، في سعيٍ مستمر لردّ الكرامة لمن فقدوها في الملاجئ والمخيمات وتحت الأنقاض.
في كل هذا، لم يكن الدكتور عبد القادر رجل إدارة فقط، بل كان ضميراً يمشي على الأرض.
رجل آمن أن الطفل السوداني لا يحتاج فقط إلى الحماية من الخطر، بل إلى الأمل في غدٍ لا تطارده فيه أصوات البنادق.
في عالمٍ تتصدر فيه مشاهد الدمار عناوين الأخبار، *كان عبد القادر أبو يقاتل ليجعل صورة الطفل السوداني وهو يتعلم، يلعب، ويحلم… هي العنوان الأهم.
ولأنه كذلك، فإن ما يقوم به اليوم ليس فقط عملاً إنسانياً… بل هو فعل مقاومة من نوع آخر: مقاومة النسيان، واللامبالاة، والتسييس الذي ينسى أن الأطفال هم أكثر من أرقام… هم الوطن الحقيقي.
تحية إلى رجلٍ لم ينسَ أن الطفولة، حتى في زمن الحروب، تستحق أن تُصان.
وأن من يبني طفلاً آمناً… يبني وطناً لا يُهزم.



