
لم يكن ما قاله وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بخصوص ما يجري في السودان مجرد تصريح عابر، بل لحظة مفصلية في انقلاب الموازين الدولية، واعتراف صريح بأن ما يحدث في السودان ليس “نزاعًا داخليًا”، بل مشروع تمرد مسنود من دولة إقليمية تمتهن التدخل في شؤون الغير، وتغذي المليشيات وتستثمر في الفوضى.
ففي تصريحه الأخير، وصف الوزير الأمريكي المليشيا بأنها المسؤولة المباشرة عن الانتهاكات الوحشية التي طالت المدنيين السودانيين، مؤكدًا أنها ليست تصرفات فردية، بل أفعال ممنهجة ومخطط لها مسبقًا. هذه الكلمات الثقيلة لم تأتِ من فراغ، بل بُنيت على تقارير دولية، وضغوط شعبية، وإعلام مقاوم، وانتفاضة سودانية متماسكة كشفت المستور، وأسقطت أقنعة “الحياد”.
لم تعد المسألة مجرد حرب، بل قضية سيادة وشرف ووجود.
شعب يقاتل وحده، في ظل صمتٍ عربيٍّ مخجل، وتردد دولي مريب، وصراع مصالح تتوارى خلفه بعض الأصوات التي تدّعي الوساطة بينما تغذي أطراف النزاع سرًا.
لكن السودان، برغم جراحه، لم ينكسر.
لقد وقف شعبه في كل بقاع الأرض، من كل مدنه التي كانت محاصره أو مستهدفه إلى ساحات نيويورك وجنيف، يهتف ضد دويلة الشر التي صدّرت الموت والخراب، ويمسك بلافتة تقول: “نحن مع جيشنا، مع مؤسسات دولتنا، مع حقنا في وطن آمن لا تحكمه المليشيات”.
الرسالة وصلت، والنتائج بدأت تتضح.
الدول التي كانت تكتفي بالمراقبة بدأت تغيّر خطابها.
الإدانات لم تعد خجولة.
ومراكز القرار في العالم بدأت تتحدث بلغة جديدة، تعترف بالجيش السوداني وشرعيته وترى أن الحل يبدأ بإسقاط المشروع المليشياوي لا التفاوض معه.
ما جرى في السودان ليس صراعًا على سلطة، بل محاولة اجتياح وطن.
وما يقف ضده العالم اليوم ليس فقط تمردًا مسلحًا، بل مشروع إقليمي يستثمر في تمزيق الشعوب.
ان االسودان الان لا يطلب الشفقة، بل الاحترام.
ولا يريد بيانات تضامن، بل مواقف حقيقية.
ومن يقف مع الجيش السوداني اليوم، لا يدعم طرفًا في حرب… بل يقف إلى جانب الدولة ضد الفوضى، وضد أي دويلة تتوهم أن المال يمكنه أن يشتري الأوطان.



