حد القول – حسن السر احمد – جمال الطيب… حينما يصبح الطبيب جبهة صمود

في زمنٍ تتهاوى فيه البنى التحتية وتغيب فيه أبسط مقومات الحياة، يبرز من بين الركام من يرفض الاستسلام، ويصرّ على أن للإنسانية وجهاً لا يُقهر. الدكتور جمال الطيب، مدير مستشفى النو التعليمي بأم درمان، هو أحد هؤلاء القلائل الذين كتبوا أسماءهم في سجل الشرف الإنساني، ليس فقط بمهارته الطبية، بل بصموده الأسطوري خلال الحرب التي عصفت بالسودان منذ أبريل 2023.

جائزة أورورا 2025: تكريم مستحق

في أكتوبر 2025م، أعلنت مبادرة أورورا العالمية فوز الدكتور جمال الطيب بجائزة أورورا لإيقاظ الإنسانية، وهي واحدة من أرفع الجوائز الإنسانية في العالم، وتبلغ قيمتها مليون دولار. جاء هذا الفوز تتويجاً لجهود استثنائية بذلها الطيب وفريقه الطبي في مستشفى النو، الذي ظلّ منارة أمل في قلب العاصمة الخرطوم، حينما أُطفئت أنوار معظم المستشفيات الأخرى.

مستشفى النو: آخر القلاع الطبية

خلال الحرب، تحوّل مستشفى النو إلى ما يشبه “الملاذ الأخير” للجرحى والمرضى. ورغم القصف المتكرر، وانقطاع الإمدادات، واستهداف مليشيات الدعم السريع الجنجويد الإرهابية ، أصرّ الدكتور جمال على إبقاء أبواب المستشفى مفتوحة. لم يكن ذلك قراراً إدارياً فحسب، بل موقفاً أخلاقياً وإنسانياً. فقد واصل المستشفى استقبال المصابين، وتقديم الرعاية الطبية، في وقتٍ كانت فيه معظم المنشآت الصحية قد توقفت عن العمل.

قيادة في زمن الانهيار

ما يميز الدكتور جمال ليس فقط صموده، بل قدرته على قيادة فريق طبي في ظروف مستحيلة. فقد عمل على تعبئة الموارد المحدودة، وتحفيز الكوادر، وتأمين الحد الأدنى من الخدمات، بل وتقديم مساعدات مجانية للمرضى المحتاجين. لم يكن مديراً فحسب، بل كان طبيباً، ومفاوضاً، ومصلحاً اجتماعياً، ومصدر طمأنينة لكل من لجأ إلى المستشفى.

شهادة عالمية

وصفته السيدة تشيلسي كلينتون، عضو لجنة جائزة أورورا، بأنه “يجسد مبدأ رفض اللامبالاة” — وهي عبارة تلخص جوهر ما قام به الدكتور جمال. لقد رفض أن يكون شاهداً صامتاً على الانهيار، وقرر أن يكون فاعلاً في إعادة ترميم ما يمكن ترميمه من كرامة الإنسان وصحته.

أكثر من جائزة… رسالة

فوز الدكتور جمال الطيب ليس تكريماً فردياً، بل هو تكريم لكل طبيب وطبيبة، لكل ممرض وممرضة، لكل من اختار أن يقف في وجه العاصفة. إنها رسالة بأن السودان، رغم جراحه، لا يزال قادراً على إنجاب من يحملون مشاعل الأمل وسط الظلام.

كسرة
نشكر وزارة الصحة الإتحادية و وزيرها البروفسور هيثم محمد إبراهيم، على الوقفة الكبيرة مع الصحة بولاية الخرطوم ومستشفى النو في فترة الحرب ومازال الدعم مستمر

Exit mobile version