أخر الأخبار

عبد النبي شاهين يكتب : بنك السودان وصراع الذهب

قرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبدالفتاح البرهان بتعيين السيدة آمنة ميرغني حسن التوم محافظا لبنك السودان المركزي كأول سيدة تتقلد هذا المنصب المتقدم في ادارة الاقتصاد السوداني المتهالك حاليا لا يجب ان ينظر اليه كما يحدث الان في السوشيال ميديا بانه انتصار للمرأة السودانية التي حصلت تاريخيا على اكثر من ذلك بكثير
بل يجب ان ينظر اليه من زاوية الأمل فيما ستقوم به من خطوات في إدارة السياسة النقدية والمالية للبلاد وتنظيم قطاع الذهب الذي يعد اهم صادرات السودان حاليا تتكالب عليه الدول والشركات العالمية وبسببه تمت اقالة المحافظ السابق

وقد تابعنا جميعا ان قرار الرئيس البرهان بالإطاحة بالمحافظ السابق برعي الصديق جاء عقب اجتماع عاصف شهدته قاعة مجمع الوزارات بمدينة بورتسودان، وسط توتر كبير بينه وبين ممثلي الشركات المصدّرة للذهب ، الذين أصرّوا على موقفهم الرافض لقرار حصرية تصدير الذهب عبر بنك السودان

المطلوب من بنك السودان تحت قيادة السيدة آمنة ميرغني حسن التوم التي تشير سيرتها الذاتية الى خبرتها العملية الطويلة والمضيئة ان يتوصل الى معادلة منصفة لطرفي الصراع بنك السودان المركزي وتجار الذهب بما يحفظ مصالح الطرفين ، لآن مصالح التجار لا يجب ان تسمو على مصالح الدولة والاقتصاد الوطني

ما نعرفه هو ان احتياطيات بنك السودان من الذهب هو 1550 طن فقط ، وهي كمية صغيرة جدا في دولة تنتج 80 طن سنويا وفقا لإحصائيات عالمية يتم تهريب جزء منها ، ما يجعل الاحصائيات المحلية تتحدث عن انتاج 50 او 60 طن فقط

ولكي يستعيد الجنيه السوداني عافيته يحتاج البنك المركزي الى سلسلة من الاجراءات الجريئة وغير المسبوقة مثل رفع احتياطياته من الذهب الى عدة اضعاف الموجود حاليا ، وذلك عبر أي خطوات عملية مبتكرة وذكية دون الاضرار بمصالح أي اطراف اخرى بل الوصول الى صيغة ترضي الجميع

قرار شراء البنك المركزي للذهب من المعدنين الأهليين بالسعر العالمي كان قرارا حكيما يحقق مصالح هذه الشريحة الواسعة من المعدنين البالغ عددهم نحو اربعة ملايين مواطن ينتجون 80% من الذهب السوداني ، كما يحقق في الوقت نفسه مصلحة البنك في بناء احتياطيات تمكنه من مواجهة متطلبات السوق من شراء المنتجات الأساسية للمواطن السوداني ، غير ان هوامير السوق كان لهم راي آخر ، اذ لا يهمهم الا مصالحهم الشخصية

احتياطيات بنك السودان من النقد الأجنبي ايضا ضعيفة للغاية وهذا سبب تدهور قيمة الجنية السوداني وعدم القدرة على التحكم في اسعاره ، ولكن عندما يستحوذ البنك على نسبة من الذهب السوداني بما يمكنه من بناء احتياطياته الاستراتيجية فان ذلك يمكنه من التدخل وتثبيت سعر صرف العملة الوطنية

البنوك المركزية في كل العالم تسعى شهريا لرفع احتياطاتها من الذهب بإضافة 5 طن الى 15 طن تختلف من بنك مركزي لآخر وبنك السودان القابع في ارض الذهب لا يستطيع بناء مخزون كافي من الذهب ليقوي بها عملته ويوفر النقد الاجنبي لاستيراد السلع الضرورية مثل الوقود والادوية ومدخلات الانتاج الزراعي لبلد زراعي وغير من الضروريات

كشفت البيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي في الأسبوع الماضي أن شهية البنوك المركزية في مختلف دول العالم لشراء المزيد من الذهب لا تزال مرتفعة، مشيراً إلى أن هذه البنوك قد أضافت 15 طناً من الذهب إلى احتياطياتها خلال أغسطس 2025

انتهى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى