
اتهام قيادة الميليشيا بجرِّ أبناء القبائل إلى المحارق على حساب الماهرية..
وجود أزمة ثقة بين قيادة الميليشيا وقواعدها، سيقود إلى الانشقاقات..
معاوية: التفرقة بين القبائل أشدَّ خطراً على الميليشيا من خسائر المعركة..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
طالب القائد الميداني في ميليشيا الدعم السريع محمد زين السميح، قواته بالانسحاب الفوري من المحاور الشمالية لمدينة الفاشر خلال 24 ساعة، وبرر السميح الخطوة بعدم قدرتهم على مواجهة المدفعية الثقيلة التي تستخدمها القوات المسلحة والقوة المشتركة والقوات المساندة لها في محيط المدينة، وقال السميح في مقطع فيديو مبذول على منصات التواصل الاجتماعي، إن مقاتليه أصبحوا مستهدفين من قبل قيادة الدعم السريع نفسها التي تدفع بهم إلى المحارق سواءً في محور الفاشر، أو ما يجري حالياً في محور كردفان وتحديداً في معركة بارا التي قال إنهم فقدوا فيها شباباً وأبطالاً في مقدمتهم عبد الكريم محمد صوصة.
تمييز وتفرقة:
ومنذ دحرها من العاصمة الخرطوم، ومن وسط السودان، وانكماشها في جيوب محدودة في كردفان ودارفور، تعاني ميليشيا الدعم السريع من حالة تمييز وتفرقة واضحة بين صفوفها بإعلاء شأن الرزيقات الماهرية على حساب القبائل الأخرى وتحديداً قبيلة المسيرية التي تشكل حضوراً كبيراً وفاعلاً في منظومة ميليشيا آل دقلو، الأمر الذي خلق حالة من التذمر والاحتقان وسط منسوبي الميليشيا من غير الرزيقات الماهرية، وهو ما عبّر عنه الخطاب المصور للقائد الميداني محمد زين السميح الذي سلَّط الضوء على ما ينتابهم من شعور بالتهميش في مقابل امتيازات للماهرية تتمثل الأسلحة والعتاد الحربي، وحتى في المخصصات وأماكن تلقِّي العلاج والرعاية الصحية، فقد أشار السميح بوضوح إلى عملية الزجِّ بهم في الخطوط الأمامية للمواجهات الدامية، بينما تحتفظ القيادة المركزية بالكتائب الرئيسية ذات الولاء الرزيقي، الأمر الذي يخلق حالة من الغبن داخل الميليشيا ويزيد من احتمالات حدوث انشطارات وانشقاقات داخل الميليشيا المتمردة.
تصدع وانكسارات:
وبإجماع المراقبين فإن حديث القائد الميداني في ميليشيا الدعم السريع محمد زين السميح يمثل صرخةً مدوية تعكس واقع التصدع الذي يضرب جدار الميليشيا المتمردة، ويشير بوضوح إلى الانكسارات التي تشهدها صفوف ميليشيا الدعم السريع في محور الفاشر الذي يعد واحداً من أهم جبهات القتال على مستوى إقليم دارفور، وهي انكسارات تمخضت عن الهزائم الساحقة والمتلاحقة التي ظلت تتلقاها ميليشيا آل دقلو على يد القوات المسلحة والقوة المشتركة والقوات المساندة لها من المستنفرين والمقاومة الشعبية وكتائب المجاهدين الذين تصدّوا لنحو 250 موجة من الهجمات المتكررة على فاشر السلطان كبّدوا خلالها المتمردين خسائر فادحة في الأرواح والأنفس والمعدات.
انهيار الانضباط العسكري:
ويُرجع الخبير العسكري الجنرال معاوية علي عوض الله، انكسارات ميليشيا الدعم السريع إلى الهزائم التي ظلت تتلقاها من قبل الجيش، بالإضافة إلى عملية التهميش التي تعاني منها بعض المكوِّنات المنضوية تحت لواء ميليشيا آل دقلو على حساب قبيلة الرزيقات الماهرية، وقال الجنرال معاوية دانيال في إفادته للكرامة إن استهداف بعض المجموعات وإرسالها إلى “المحارق” والإبقاء على الماهرية في ” الضُل”، يخلق حالة من الغبن والشعور المتنامي بالخيانة الداخلية مما ينعكس سلباً على وحدة وتماسك الميليشيا، مبيناً أن عمليات التمييز والتفرقة بين القبائل قد تكون أشدَّ خطراً على ميليشيا الدعم السريع من خسائر المعركة نفسها، وقال الجنرال معاوية علي عوض الله إن مطالبة القائد الميداني محمد زين السميح، جنوده بالانسحاب من المحاور الشمالية على تخوم مدينة الفاشر يؤكد تفوق الجيش في السلاح النوعي، وضعف الميليشيا في تحييد الأسلحة التي يعتمد عليها الجيش والتي جعلت الدعم السريع يخسر أبرز أوراقه التقليدية في حرب المدن والمتمثلة في الهجوم المباغت والسريع، متوقعاً أن تتطور الانسحابات إلى سلسلة انشقاقات فردية أو جماعية تعكس انهيار الانضباط العسكري وسط الجنود والقيادات الميدانية التي فقدت الثقة في توجيهات قيادتها العليا.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر تبقى مطالبة القائد الميداني في ميليشيا الدعم السريع محمد زين السميح، جنوده بالانسحاب، بمثابة مؤشر على وجود أزمة ثقة عميقة داخل ميليشيا آل دقلو، بين قيادة مركزية تستند إلى الولاء القبلي والموارد الخارجية، ومجموعات مقاتلة تشعر أنها مجرد أدوات رخيصة تُدفع نحو المحارق، وتمثل
هذه التطورات بداية مرحلة جديدة من انكسار الميليشيا في محور الفاشر، حيث يتكامل الضغط العسكري للجيش مع التفكك الداخلي ليقود في نهاية المطاف إلى الانهيار السريع، داخل منظومة الدعم السريع.