
بقلم: بشير علي عبد الرحمن
الناطق الرسمي باسم مبادرة توتي أولاً وأخيرا
العاصمة التي جعلها التمرد هدفه الأول، فتفشى فيها كالداء الخبيث، واستهدف مواطنيها بسرقة الذهب والمجوهرات وكل ما خف وزنه وارتفع ثمنه، مستغلّاً وجود سكان العشوائيات والأجانب غير المقننة أوضاعهم، الذين كانوا بالأمس يقتسمون لقمة العيش مع أهل الوسط، ليقوموا اليوم بسرقة كل ما تطاله أيديهم.
لم يسلم من التمرد أي قطاع حيوي؛ فالبنية التحتية للدولة كانت في مرمى نيرانه، وخاصة المرافق الصحية، والكهرباء، والمياه. واليوم، بعد عامين من الخراب، بدأ المواطنون يعودون إلى ديارهم في الخرطوم، بعضهم كان شاهداً على الفوضى والدمار، ويرى الآن بعينه كيف بدأت الأوضاع تتحسن بفضل سيطرة القوات المسلحة، وكيف أخذت العاصمة تتعافى شيئاً فشيئاً.
الناس عادت تتجول بحرية، والحياة بدأت تدب في الطرقات، والأمن رجع والحمد لله رب العالمين.
أما من كانوا خارج البلاد، فبعد أن نعموا بالخدمات المتوفرة في الدول التي احتضنتهم—ونخص بالشكر هنا مصر التي فتحت أبوابها للمواطن السوداني—شعروا بوضوح بالفرق بين ما اعتادوه هناك وما وجدوه في الخرطوم من نقص في الخدمات والمرافق. لذا ظهر صوت التحذير: “لا تعودوا… لا تنخدعوا”، لكن في النهاية، يبقى قرار العودة قراراً شخصياً قبل أن يكون رغبة جماعية.
كما قال الفنان عبد الله البعيو:
“العاقل طبيب نفسو، ما بسوي الشي إن بقى ما قدرتو.”
ونحن بدورنا نتقدم بالشكر والعرفان لكل القائمين على مبادرات العودة الطوعية، وعلى رأسهم منظومة الصناعات الدفاعية، و مبادرة الشباب السودانيين المقيمين في لندن ، وابن شمبات سعد بابكر، ومبادرة توتي أولاً وأخيراً، وأبناء أم دوم، وكل الشباب والمتطوعين في أحياء الخرطوم الأصيلة والعريقة، الذين يقتطعون من قوت يومهم وجهدهم لاستقرار الخدمات الأساسية وإعادة إعمار المرافق الحيوية. لهم جميعاً كل الشكر، فهذه هي بصمة الإعمار الحقيقية، والقائمة طويلة وأسماء العطاء لا تُحصى.