وزير الخارجية الجديد

الحاكم نيوز :

عثمان ميرغني

أخيرا.. وبعد مخاض طويل شاق ومكلف.. أعلن عن تعيين السفير محي الدين سالم وزيرا للخارجية. لم يأت من فراغ كان معروفا للجميع.. بحكم خبرته و ملف خدمته الطويلة وآخرها مندوبا للجامعة العربية في جمهورية جنوب السودان.

 

لكن السطر الأهم في سيرته الذاتية الفخيمة.. فترة عمله في دولة الإمارات العربية المتحدة.. لانها لم تكن تجربة عابرة بل مسنودة بنجاح كبير في أصعب الظروف بعد العزلة الخانقة التي عانى منها السودان بعد حرب الخليج.

 

ولم تقتصر رحلته الدبلوماسية على ذلك.. بل عمل في المملكة العربية السعودية والكويت.. خبرة مهمة في واحدة من أهم مواقع التأثير على السياسة العالمية..

 

تعيين الوزير سالم يمنح حكومة “الأمل” شعلة “أمل” في اختراق سريع لملف العلاقات الثنائية مع الإمارات.. فهو لم يكن مجرد سفير بـ”أبوظبي”.. بل كان قريبا من القيادة الأبوية المؤسسة للاتحاد الاماراتي.. الشيخ زايد رحمه الله وأكرم مثواه.. و للسفير سالم علاقات لم تنقطع مع الامارات شعبا وحكومة مما يؤهله تماما للقفز بالعلاقات الثنائية من سفح الجبل إلى قمته.. يسنده في ذلك كنوز من المصالح المشتركة التي تنمو بشراكات منتجة لمصلحة الشعبين.

 

و لكن الطريق ليس مخضرا أمام الوزير سالم.. فالمؤسسة الدبلوماسية السودانية تعاني من شروخ أضعفت أداءها خلال السنوات الماضية.. وحولتها إلى مجرد ثقب أسود في الخزينة السودانية يستنزف مواردها لصالح بعثات دبلوماسية سودانية غير قادرة على تعظيم العائد من علاقتنا مع الدول الأخرى..

 

بالطبع ليس ذنب السفراء الذين مثلوا السودان في العواصم الدولية.. بل غياب السياسية الخارجية المصنوعة برؤية استراتيجية.

 

رغم أن دولة السودان بلغت من عمره 70 سنة منذ الاستقلال لكنها فاقدة للبوصلة التي تدير مصالحها.. و تتعامل مع الدول الأخرى بردود الأفعال وأحيانا بالمصالح الذاتية الشخصية لبعض القيادات السودانية النافذة.

 

يحتاج الوزير سالم لبناء مؤسسة دبلوماسية تعتمد على خارطة طريق واضحة المعالم مبنية على استراتيجية صلبة.. ولكي يحقق ذلك فهو محتاج أولا لتحديد الجهات التي تشارك في صناعة استراتيجية السياسة الخارجية.. و هي :

 

رئاسة مجلس السيادة ورئاسة مجلس الوزراء.. المخابرات العامة.. الاستخبارات العسكرية.. وزارة الداخلية.. المركز القومي للتخطيط الاستراتيجي..و مراكز الدراسات الاستراتيجية السودانية، خاصة المرتبطة بالجامعات الكبيرة مثل جامعة الخرطوم.

 

يسند لهذه المؤسسات المشاركة في صناعة استراتيجية السياسة الخارجية.. وتتولى هذه المؤسسات تحديث الخطة الاستراتيجية حسب المتغيرات الدولية.. و كلما تمتع صناع السياسة الخارجية باستقلال القرار و حرية التفكير أنضج ذلك قدرتهم في ادارة مصالح السودان الخارجية بمنتهى الرشد و الذكاء.

 

لا يمكن تصور دولة كبيرة مثل السودان.. لها خبرات سامقة في كل المجالات.. ومع ذلك تديرها رياح الصدفة..

 

#حديث_المدينة الأحد 7 سبتمبر 2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى