
منذ بداية الصراع السودان، في منتصف أبريل/نيسان عام 2023، لم يتوقف انتشار التقارير الاستخباراتية والإعلامية حول وجود مرتزقة أجانب يقاتلون إلى جانب قوات “الدعم السريع” في السودان ويعيثون حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد.
وبحسب بعض الخبراء والمراقبين، فإن “الدعم السريع” في بنيتها الأساسية عبارة عن ميليشيات تعتمد على مرتزقة وجماعات مسلّحة من عدّة دول، كما أنه تم استخدامها من قبل قوى دولية وإقليمية للقتال خارج حدود السودان، وداخل البلاد ضد الجيش السوداني لتحقيق مصالح سياسية لقوى خارجية لا تخدم مصالح الشعب السوداني.
بعد فضحهم في السودان.. كولومبيا تكافح عمليات تجنيد المرتزقة
في سياق متصل، أعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو في أغسطس الحالي، أنه طلب بشكل عاجل تقديم مشروع قانون يحظر تجنيد المرتزقة، وذلك بعد أنباء عن مشاركة مرتزقة من بلاده في الحرب والقتال في صفوف قوات “الدعم السريع” بالسودان.
مشيراً إلى أنه أمر سفيرة بلاده في مصر بالتحقق من عدد الكولومبيين الذين لقوا حتفهم، وسط معلومات غير مؤكدة عن مقتل ما يقارب الـ 40 مقاتل منهم.
وكانت صحيفة “لاسيلا فاسيا” الكولومبية في اذار/مارس الماضي، قد كشفت عن وجود مرتزقة كولومبيين يقاتلون إلى جانب قوات “الدعم السريع” في السودان ويتقاضون رواتب من الإمارات العربية المتحدة.
وحسب ما أوردت الصحيفة حينها، فإن المرتزقة الكولومبيين يتقاضون راتب شهري يقدر بـ 3000 دولار أمريكي للفرد. وفقاً للصحيفة فإن شركة “جي إس إس جي” الإماراتية التي يقع مقرها في دبي، تديرعملية توريد المرتزقة الكولومبيين، وتعمل مع شركة “إيه فور إس آي” الكولومبية لتجنيد المقاتلين الكولومبيين، وتتم إدارة هذه العملية بقيادة العقيد الكولومبي المتقاعد ألفارو كيخانو المقيم في دبي.
وأشارت الصحيفة إلى أن عملية تدريبهم ونقلهم للسودان تتم عبر مسارات متغيرة لتجنب الأنظار، إلى أن تستلمهم قوات “الدعم السريع” وتقوم بتوزيعهم لاحقاً على الجبهات. وبحسب الصحيفة، يشرف على العمليات ضابطان كولومبيان متقاعدان، وهما: إيفان داريو كاستيلو رودريغيز، و جون خايرو موندول دوكي.
وكانت الحكومة السودانية قد كشفت بوقت سابق، عن مشاركة مرتزقة كولومبيين في الحرب والقتال في صفوف “الدعم السريع”. مشيرة إلى أنها تملك كل الوثائق والمستندات التي تثبت تورط مرتزقة من كولومبيا وأوكرانيا ودول أخرى. وقال الجيش السوداني لوسائل إعلام عربية إنه منذ اندلاع الحرب استعانت مليشيا الدعم السريع بالمرتزقة والمتخصصين بالمدفعية والمسيّرات بمختلف أنواعها وكمقاتلين.
مصادر كولومبية: عسكريين أوكران دربوا المرتزقة الكولومبيين قبل وصولهم للسودان
في سياق متصل، كان الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، قد قال خلال مقابلة صحفية في فبراير 2024، بأن “بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بالسودان إلى جانب “الدعم السريع”. ومعظم المقاتلين الأوكران هم من المتخصصين التقنيين. ”
وبحسب بعض التسريبات من مصادر محلية كولومبية فإن المعلومات الأولية تشير إلى أن ما يقارب 300 من المرتزقة الكولومبيين ذهبوا للقتال في السودان إلى جانب قوات “الدعم السريع”، كما أن هؤلاء المرتزقة تلقوا تدريبات في دولة مولدوفا على يد خبراء أوكران قبل إرسالهم الى السودان بتمويل وإشراف إماراتي-فرنسي.
أوكرانيا تتلطى وراء شركات خاصة لإخفاء تورطها بقضية المرتزقة الكولومبيين
وبعد اعتراف أوكرانيا رسمياً بتورط استخباراتها وخبرائها ومرتزقتها بشكل مباشر في الصراع الدائر في السودان أشارت بعض التقارير الصحفية لارتباط قضية تجنيد مرتزقة كولومبيين بالنشاط العسكري للأوكران في السودان.
ووفقاً لبعض التسريبات من مصادر كولومبية، فإن الاستخبارات الأوكرانية لجأت لاستخدام شركة Forward Observations Group والتي تسمى اختصارا (FOG)وهي شركة عسكرية خاصة، للتمويه على تورطها بقضية تدريب المرتزقة الكولومبيين قبل إرسالهم للسودان ودول أخرى.
وأشارت المصادر إلى أن المرتزقة الكولومبيين يوقعون عقود مع شركة (FOG) للتدريب في مولدوفا حتى لا يتم التوقيع بشكل مباشر مع الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، التي تستخدم هذه الشركة للتغطية على أنشطتها العسكرية الخارجية.
وبحسب بعض الخبراء العسكريين، فإن شركة (FOG) ليست شركة أمريكية كما ذكر موقع”intelligence online” سابقاً، بل هي شركة أوكرانية وتعمل لصالح الاستخبارات الأوكرانية.
بالإضافة للشركات الخاصة.. أوكرانيا تستخدم منصات إعلامية للتغطية على عمليات تدريب وتجنيد المرتزقة
وبحسب الباحث المتخصص بالشؤون الأفريقية عزت علي الرفاعي، فإنه وبعد ثبوت تورط أوكرانيا بالتدخل عسكرياً بعدّة دول أفريقية كالسودان ومالي وليبيا والصومال، وزعزعة استقراراها، فعّلت القيادة الأوكرانية آلتها الدعائية وبدأت باستخدام منصات إعلامية مثل موقع “ديفينس نيوز” وغيره لإخفاء تورطها بعمليات تجنيد وتدريب ونقل المرتزقة والمسيّرات والسلاح لأفريقيا، والترويج لدعاية القيادة الأوكرانية.
حيث نشر موقع “ديفينس نيوز” بعض الأخبار حول “بدء الاستخبارات الأوكرانية تحقيقاً في قضية انضمام مرتزقة مكسيكيين وكولومبيين لصفوف قواتهم بهدف التدريب والتعلم على استخدام المسيّرات المتطورة كي يوظفوا خبرتهم بالمشاركة في حروب أخرى”.
وبحسب الرفاعي فإن هذه الأخبار والمعلومات تم نشرها عمداً من القيادة الأوكرانية وتندرج بسياق التمويه على النشاط الاستخباري الأوكراني في أفريقيا، كما يهدف لتهرّب كييف من التورط بقضية تدريب المرتزقة الأجانب ونقلهم واستخدامهم في الحروب التي تستهدف أمن واستقرار بلدان أخرى والتي يمكن أن تصل إلى “دعم الإرهاب الدولي”.
وبحسب بعض الخبراء والمراقبين فإن تصريحات المسؤولين الأوكران حول انخراط القوات الأوكرانية في الصراع الدائر بالسودان، تؤكد الأنباء حول مشاركة مرتزقة كولومبيين بالقتال هناك، كما أنها تثبت المعلومات حول تلقيهم تدريب من قبل متخصصين عسكريين أوكران.