أخر الأخبار

«القصة».. برنامج سوداني يثير الجدل: تسريبات، تأثيرات خفية، وسؤال “من يقف وراءه؟”

وكالات – الحاكم نيوز

في ظرف زمني وجيز، شقّ برنامج سوداني يُدعى “القصة” طريقه إلى الواجهة، ليحتلّ الصدارة على منصات التواصل الاجتماعي، ويحظى بنسبة متابعة لافتة داخل السودان وخارجه، مستفيدًا من أسلوب بصري متطور، ومحتوى يعتمد على التسريبات والوثائق والتحقيقات النادرة. لكن ما يبدو في ظاهره نجاحًا إعلاميًا، يُخفي وراءه أسئلة عميقة ومقلقة حول طبيعة الجهة التي تقف وراء هذا المشروع، وأهدافه الحقيقية.

محتوى احترافي.. ومصادر غير معلنة

يعتمد “القصة” على نمط إنتاجي غير مألوف في الإعلام السوداني، يجمع بين السرد الدرامي، والتحليل السياسي، والعرض الوثائقي الدقيق، مستندًا إلى مواد يُزعم أنها مسرّبة من مصادر غير معلنة، تشمل وثائق حساسة ومقاطع أرشيفية نادرة. هذا الطرح “الساخن” جذب جمهورًا عريضًا، لكنه في ذات الوقت أثار علامات استفهام حول درجة الدقة، ومصادر التمويل، والجهة التي تدير هذا العمل الإعلامي المحترف.

وراء الكواليس: مؤسسة إعلامية لا مجرد يوتيوبر

من واقع الخبرة في العمل الإعلامي، يُقدّر أن إنتاج هذا النوع من البرامج يتطلب فريقًا متخصصًا يتراوح عدده ما بين 20 و30 شخصًا، يعملون في مجالات الرصد، الكتابة، التصوير، الجرافيك، والمونتاج، فضلًا عن الإدارة التقنية والتسويقية. وهذا يضعنا أمام احتمال أن “القصة” ليس مجرد جهد فردي على “يوتيوب”، بل مشروع إعلامي متكامل الأركان، يقف خلفه كيان منظم، وربما أجندة إعلامية أو سياسية.

مقدم البرنامج تحت المجهر

الجدل لا يقتصر على طبيعة المحتوى فحسب، بل يمتد إلى شخصية مقدم البرنامج، الذي سبق أن وُجهت إليه اتهامات بالتحريض وإثارة الفتن في المملكة العربية السعودية. واليوم، يعود ليظهر بمظهر “الصحفي الاستقصائي المستقل”، متناولًا موضوعات ذات حساسية عالية في المشهد السوداني، ما يطرح تساؤلات جديدة حول دوافعه، والجهة التي تتيح له الوصول إلى هذه المعلومات.

التأثير النفسي والسياسي: خطر تعبئة الجماهير

البرنامج لا يكتفي بعرض المعلومات، بل يُقدّمها بصيغة درامية تُحدث تأثيرًا عاطفيًا مباشرًا في المتلقي، ما يثير مخاوف من تحول مثل هذه البرامج إلى أدوات لتعبئة الجماهير بطريقة غير منضبطة، قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار، لا سيما في بلد يعاني أصلًا من هشاشة في بنيته السياسية والأمنية مثل السودان.

بيئة إعلامية قابلة للاختراق

يرى مراقبون أن الجاذبية التي حققها “القصة” تعكس ضعف البيئة الإعلامية السودانية، وغياب الرقابة الفعالة، وانعدام القوانين المنظمة للإعلام الرقمي. وهو ما سمح لبرامج ذات طابع تحريضي أو تعبوي بالانتشار دون مساءلة، وبتأثير عميق على الرأي العام المحلي، دون تحقق من المصادر أو الجهات الناشرة.

دعوات لضبط الفضاء الرقمي

أمام هذا الواقع، تبرز مطالبات للسلطات السودانية باتخاذ خطوات جادة للحد من تداول المحتوى التحريضي، وتشمل هذه الخطوات الحجب الرقمي الجزئي، وتطوير آليات التحقق من المعلومات، إلى جانب حملات توعية إعلامية لتعزيز الثقافة الرقمية لدى المواطنين.

مشروع إعلامي أم أداة توظيف سياسي؟

في المحصلة، لم تعد “القصة” مجرد برنامج تلفزيوني أو محتوى على يوتيوب. بل هي – كما يصفها كثيرون – مشروع إعلامي متكامل قد يتحول إلى أداة في يد أطراف خارجية أو داخلية، تسعى إلى إعادة تشكيل الوعي الجمعي، أو دفع الرأي العام باتجاهات معينة تخدم أهدافًا سياسية أو أيديولوجية.

سؤال المرحلة: إلى متى الصمت؟

بينما يراقب البعض هذا المشهد بدهشة أو إعجاب، لا بد من طرح السؤال الأهم: هل نملك رفاهية أن نظل متفرجين؟
وهل نسمح بأن تتحول شاشاتنا إلى ساحات معارك إعلامية تخدم أجندات غير سودانية؟

القصة، في النهاية، قد تكون جزءًا من معركة أكبر لا تُدار بالكلمات فقط… بل بالتأثير والسيطرة على العقول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى