في زمنٍ يزدهر فيه الخراب، ويفتقر فيه العالم إلى صوتٍ رشيد، نتأمل مشهدًا عبثيًا تقوده نظريات “الضرب ثم التبرير”، وكأننا أمام ملهاة سوداء تُعرض على مسرحٍ دوليّ بلا جمهورٍ يعترض، ولا قَيمٍ تردع.
عالم بلا دبلوماسية، هو عالم بلا كوابح ولا عقل جماعي. ما أثبته التصعيد النووي الأخير بين القوى الكبرى وإيران وإسرائيل هو أن الضمير الدولي اختار أن يُخرس نفسه طوعًا. ضربة أمريكية استباقية فجّرت مشهدًا إقليميًا هشًّا، وردٌّ إيرانيٌ أراد أن يُثبت أنه ليس مجرد متفرّج. ووسط هذا الجنون، يقف الشرق الأوسط مجددًا مسرحًا للحروب المصطنعة.
لماذا انتفضت أوروبا لأوكرانيا وانكفأت تجاه الدم المراق في الشرق؟
أهو اختلاف الجغرافيا، أم اختلاف البشر؟ صمتٌ مريبٌ تلتزمه منظمات ادّعت يومًا الدفاع عن الإنسانية، وكأن الأقدار قد اختارت لشعوبنا أن تكون قرابين في صراعات المصالح.
أين صوت الحق، ومتى يُسترد؟
إن هذا الخراب لن تُداويه قنابل ذكية ولا تصريحات سياسية باردة. ما نحتاجه هو ضمير عالمي يُفعّل إنسانيته، وإعلام يُوقظ النائمين لا يُخدرهم بمسكنات الخيبة.
إننا أمام تحالفات خفية، ورغبة مجنونة في إعادة رسم خرائط السيطرة تحت شعارات مزيّفة.
ختامًا،
ليس شرقنا ساحة لتجاربٍ سياسية، ولا شعوبه أوراقًا تُلعب على طاولات المفاوضات. وما لم يستيقظ العالم، فإن الكارثة لن تبقى محصورة في حدود الجغرافيا، بل ستطال ما هو أوسع وأعمق