أخر الأخبار

قبل المغيب – عبدالملك النعيم احمد – من وزراء…إلي وكلاء…كيف ذلك؟

لفت انتباهي خبران بثهما تلفزيون السودان في فترته الإخبارية الرئيسة قبل يومين..الخبر الأول لقاء لوكيل وزارة الصحة الإتحادية دكتور هيثم محمد ابراهيم وهو نفسه وزير الصحة المنتهية ولايته بعد قرار رئيس مجلس الوزراء بحل الحكومة فتحول الوزير إلي وكيل وأصبح مكلفاً بتصريف أعباء الوزارة..كيف؟ ولماذا ؟ هذا ما نناقشه في المقال…
الخبر الثاني هو إجتماع لجنة قبول التعليم العالي بوزارة التعليم العالي برئاسة وكيل الوزارة بروفيسير محمد حسن دهب وهو نفسه الوزير المنتهية ولايته بقرار رئيس مجلس الوزراء والذي عاد ليصبح وكيلاً بعد أن كان الوزير…ربما هناك وزراء آخرين تراجعوا لمنصب الوكيل بالتكليف ولكن لم ينشر لهم لقاء أو نشاط لكي نعلق عليهم…
أول ملاحظة في هذه الأخبار المشار إليها أن هاتين الوزارتين كانتا تعمل من غير وكلاء وزارة بدليل أن الوزراء أنفسهم تراجعوا وتولوا منصب الوكلاء !! كيف ذلك ولماذا غض مجلس الوزراء المكلف المحلول عن هذا الخلل الواضح ؟ ومن الذي كان مسؤولاً تصريف الشؤون المالية والإدارية في هذه الوزارات في غياب أو تغييب منصب الوكيل؟؟ هل كان الوزراء المشار إليهم يديرون الوزارة بكل أعباءها؟ وهل فعلا كانوا يملكون القدرة علي القيام بكل شيئ؟ وهل نجحوا في سد ثغرة تغييب الوكيل قصداً ؟ والسؤال لماذا غيب هؤلاء الوزراء الوكيل ؟ ولماذا لم يعينوا وكلاء ؟ ولما صمت مؤتمر إصلاح الخدمة المدنية الذي عقد مؤخراً في بورتسودان عن هذا التجاوز ؟ أم أن القائمين علي أمره لم يكونوا علي علم بتغييب أعلي موظف في سلم الخدمة المدنية وهو الوكيل في بعض الوزارات؟ إن كانوا يعلمون فهذا تقصير واضح وإن كانوا لا يعلمون فالتقصير مركب…كيف تسعي لإصلاح الخدمة المدنية وتغض الطرف عن تجاوزات واضحة مثل الأمثلة فقط التي أشرنا إليها ؟
منصب وكيل الوزارة منصب مهم وضروري وهو يمثل قمة الهرم الإداري في المؤسسة وأعلي وظيفة في الخدمة المدنية ولا يصله الموظف إلا بعد خبرة طويلة في مؤسسته ومروره علي معظم إدارات المؤسسة التي يعمل فيها وقضي فيها كل حياته العملية لذلك يعتبر بنك معلومات المؤسسة وبيت خبرتها المدرك لكل تفاصيلها والذي يعرف عن قرب كل العاملين فيها بمختلف مسمياتهم ويتمتع بقبول وعلاقات طيبة مع الجميع الأمر الذي يساعد كثيراً في نجاحه ونجاح الوزارة بسبب التعاون الذي يجده دون الحاجة الي الاتجاه لتطبيق القوانين والتي هي ضرورية بالطبع عندما تحتاج إليها تحفيزاً أو عقابا حسب ما يقتضي الحال…
أخطأت الإنقاذ خطأً كبيراً عندما إتجهت إلي التعيين السياسي في منصب الوكيل من خارج المؤسسة الأمر الذي أدي إلي إضعاف الآداء في المؤسسة لقلة الخبرة وعدم إلمام القادم بمجريات الامور داخل المؤسسة وعدم معرفته بالعاملين وخبراتهم ومؤهلاتهم بغية الإستفادة منهم هذا من جانب أما من الجانب الآخر فإن تعيين الوكلاء من خارج الوزارة قد أثار غبناً بيناً للعاملين في الوزارة من أصحاب الوظائف العليا والذين كانوا يتطلعون لتبؤ منصب الوكيل وهو من حقهم وجديرون به وهذا طموح وتطلع مشروعين…هذا التعيين السياسي في منصب الوكيل علي وجه التحديد وبالطبع في مواقع مديري إدارات من خارج الوزارة وربما مديري مؤسسات حكومية أخري كل هذا التجاوز الذي شهدته سنوات الإنقاذ أدي إلي تدهور الخدمة المدنية بأكثر مما كانت عليه من تدهور….وللأسف جاء تغيير عام 2019م بوكلاء وزارات ومديري مؤسسات لم يعرفوا عن الوزارات والمؤسسات التي جاءوا علي رأسها شيئا فضلاً عن كونهم لم يعرفوا عن السودان كله شيئاً إلا بالسماع لأنهم غابوا عنه لأكثر من ثلاثين عاماً وأرتبطوا بأعمال ليست لها علاقة بالمناصب التي تولوها بعد إنهاء حكم الإنقاذ والأمثلة كثيرة فلم يكن أحمد بأفضل من حاج أحمد في الموضوع محل النقاش…
منصب الوكيل عندما يصل إليه موظف الخدمة المدنية في المؤسسة المعنية سيخفف كثيراً عن الوزير الذي جاء بالتعيين السياسي وسيكون خير معين له في نجاح مهمته بل سيكون مستشاره الأول في كل مايخص الشؤون المالية والإدارية لأنه هو المسؤول عنها وبالطبع سيكون هو قناة إتصاله بالمؤسسات الأخري لخبرته الطويلة وعلاقته برصفائه في مؤسسات الدولة بل سيكون أيضاً حلقة وصل بين الوزير القادم من الخارج وبين العاملين في وزارته وكل ماذكرته يمثل عنصر نجاح للوزير والوزارة قبل غيره…فلماذا تغيب مثل هذه الحيثيات الأولية عن متخذ القرار عندما يلجأ للتعيين السياسي في منصب إداري والتغييب القسري لمنصب الوكيل كما حدث فعلاً في الوزارات المشار إليها في رأس المقال ولم يظهر هذا الخلل علي الأقل بالنسبة للعامة إلا بعد حل الحكومة وعودة الوزراء المنهية فترتهم لمنصب الوكيل مرة أخري كأنما عقمت الوزارة من أن تأت بوكيل ..والموضوع يستوجب المساءلة لماذا ظلت تعمل هذه الوزارات بدون وكلاء طيلة فترة التكليف؟؟؟ ولماذ يكلف رئيس مجلس الوزراء من كانوا وزراء بتصريف أعباء الوزرارة بإعتبارهم وكلاء..؟؟؟
إن كانت الحكومة أياً كانت حريصة علي إصلاح الخدمة المدنية وإن فعلا جادة في تنفيذ توصيات المؤتمر الأخير فاليكن إهتمامها أول بالعامل نفسه أياً كانت وظيفته من حيث المرتب والتحفيز والتدريب المستمر كل في مجاله وحفظ حقوقه المادية والمهنية وترقيته بالأداء المتميز وحصر منصب الوكيل فقط لمن ظلوا يعملون بالمؤسسة منذ بداية السلم الوظيفي إلي أن صاروا مديري إدارات وبالمناسبة هؤلاء كبار الموظفين لا يصلحو ابدا وزراء في مؤسساتهم إلا من رحم ربي وهم بأسبابهم طبعا لطبيعة عملهم الاداري والوظيفي لسنوات طويلة فيما يحتاج منصب الوزير لمواصفات أخري من بينها طبيعة الشخصية وصفاتها والبعد السياسي والاستراتيجي بجانب المؤهلات العلمية المرتبطة بطبيعة عمل الوزارة….
فهل استطاع رئيس الوزراء الجديد أن يعطي أولوية الآن للنظر ملياً والتمحيص في إختيار وزراء حكومته المرتقبة أم مازالت اللقاءات والتي لا تمثل متطلبات المرحلة تأخذ الكثير من وقته وتعطل إعلان الحكومة بأكثر مما تعطل..؟؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − ستة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى