أخر الأخبار

رشان أوشي تكتب : حتى نستعيد الدولة..

منذ عقود والسودان يمر باضطرابات سياسية وأمنية، إذ لم تمنح الأقدار بلادنا فرصة كالتي نعيشها اليوم لإعادة ترتيب مكثفٍ لمراكز القوى، لقد تهاوى النادي السياسي فروعاً ومراكز، وشخصيات أسطورية تختفي بعد عقودٍ كانت فيها ثابتاً لا يطوله التغيير، ودولة تسودها الفوضى المستحكمة.

منذ اندلاع حرب ١٥/ابريل ، التي غيرت الخارطة السودانية لم تتوقف المفاجآت والمتغيرات، وفي جميع الحالات، ما كنا نعتبره مفاجأة تبين أن (العدو) يعد له منذ سنين، معتمد على تفوق نفوذه المالي والمخابراتي ، وهبوط أخلاقي ووطني لدينا في صفوف الممسكين بزمام الأمور لا سابق له في الحروب، والمؤامرات.

في هذا الظرف المعقَّد استطاعت القيادة العسكرية والسيادية تحويلَ الأزمة إلى فرصة وتنتظر من “كامل ادريس” استثمارها؛ وهو اليوم محلُ ثناء شعبي ليس لما فعله، بل لمَا يُنتظر منه، والأهم التخلَّص سريعاً من سياسة نظام “النعامة” ، وهو المنهج الذي اتبعه القادة العسكريين و فشلوا في التعاطي مع السياسة بواقعية داخلياً وخارجياً.

السودان يعيش أسوأ مرحلة منذ عقود مضت ، ومن جانب آخر، هناك قلق من بُطء رئيس الوزراء الجديد “كامل ادريس” في حسم الملفات العالقة واهمها انصبة “اتفاق جوبا” والتي تحولت الى محاصصات إثنية وعشائرية تخدم مصالح وطموحات اشخاص ولا تعبر عن تطلعات أهل دارفور، عليه حسم الأمر وأنَّ كان الثمن حرباً أخرى على وشكِ أن تنفجرَ!

وظهر ذلك في التصريحات الأخيرة للدكتور “جبريل ابراهيم” رئيس حركة “العدل والمساواة” وتمسكه الشديد بوزارة المالية ، بجانب نشاط حاكم اقليم دارفور ورئيس حركة “تحرير السودان”،”مني اركو مناوي” في تحريض قادة الحركات المسلحة ليتخذوا موقفاً ابتزازياً حتى يحتفظ هو بوزارات ايرادية كالمعادن باعتبارها استحقاق ابدي .

لقد خرج النزاع بين الدولة وبعض قادة الحركات المسلحة من الظلال إلى المواجهة المباشرة. لم يعد مجرد خلافات ، بل انكشافٌ عميق لصراع وجودي بين نظامين داخل الدولة ، وسط انهيار تدريجي للمؤسسات بسبب التمكين الإثني والسياسي مع تداخل مسارات يصعب التكهن بمآلاتها.

الجميع يراقب، في أمل وفي وجل، ما سيفعله رئيس الوزراء “كامل ادريس” من اجل عودة الدولة و المؤسسات ، رغم تغير الأحوال والأشكال والرجال على البلد، بحيث ضاعت المعالم، وتاهت الذاكرة.

ليست سهلة عودة الدولة السودانية وكذلك مهمة “ادريس” . وعليها تعتمد قضايا كثيرة: أهمها استعادة قرارها من براثن الابتزاز ؛ قبل محاولة العثور على “أسماء” لشغل الحقائب الوزارية .هناك نحو ثلاثين فصيل مسلح ينمو كالبكتيريا في بيئة آسنة، غارقة في التجارة بالضحايا والقضايا .

اذاً ما يحتاجه السودان ليس إعادة إعمار، بل إعادة بناء. وإعادة هيكلة. كل ذلك بعيداً عن وهم البحث عن حاضنة “إعلامية” وخطابيات مطولة ودروس في التاريخ أشبه بأسلوب “الحكواتية”.
محبتي واحترامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى