يظل الماء مصدر مهم لإستمرار الحياة وشريانها النابض لكل كائن حي ويكفينا قوله تعالى (وجعلنا من الماء كل شئ حي ) الإنسان ، الحيوان، الطيور ، النبات …الخ وتتعدد مصادره البحار ، الأنهار ، الأمطار والأبار الأرتوازية ، السطحية والعميقة وبلا شك تتعدد طرق حفرها،، وفي عالم يعاني من ندرة المياه العذبة تبرز اهميتها .
يعد بثر ماء زمزم والذي يقع على بعد 20 مترا من الحرم المكي بمكة المكرمة ماء مباركا فيه شفاء للأمراض والأسقام والذي يرجع تاريخه الي عهد نبينا الكريم ابراهيم وابنه اسماعيل صلوات ربي وسلامه عليهم اجمعين و نبعه من الأرض بعد نبشها الملك جبريل عليه السلام بجناحه لنبي الله اسماعيل وامه السيدة هاجر التي اتعبها البحث عن الماء في ذلك الواد غير ذي زرع وهي تسعى بين الصفا والمروة وكانت لهم ماء زمزم بردا وسلامأ وشرابا طهورا كمعجزة باقية حتى يومنا هذا.
الماء ضروري لقطاعات الزراعة والرعي والصناعة بل هو ملهم للتعارف والتكاتف والتلاحم الإجتماعي بين الشعوب والقبائل وكذلك سببا في الزواج ونشير لموقف سيدنا موسى وشعيب عليهم السلام حين قدم سيدنا موسى فارا من بطش قومه بحثا عن ديار آمنه تكون ملاذا له ووصل بئر ماء (مدين) وسقى لبنات سيدنا شعيب واللتان كانتا يصعب لهما جلب الماء حتى يصدر الرعاة وابوهم شيخ كبير ،، وكانت نتيجة ذلك العمل والمعروف ان تزوج بإحدى بناته مكافأة له على صنيع معروفه .
نعم الحروب والمعارك نفسها سر انتصاراتها يكمن في المياه والآبار ودونكم كمثال معارك بدر الكبري وغيرها حين انتصر المسلمون على كفار قريش بعد حصولهم على مصدر المياه دون العدو .
السودان واحد من الدول التي عرفت قدر المياه ومصادرها خاصة من الأمطار والأنهار والبحار والمياه الجوفية من الآبار والأخيرة بقيت منبعا مهما خاصة لشرب الإنسان ، للزراعة ، الرعي والحيوان .
مدينة حلفاية الملوك واحدة من المدن العريقة بالسودان التي عرفت الآبار منذ عهود طويلة اسهمت في استمرارية الحياة لسكانها.
الحرب العبثية اللعينة القت بظلالها على المدينة العريقة وسكانها ولذلك تجلت معادن اهلها الأخيار في اعظم صدقة تقدم( سقيا الماء) الذي يعد افضل الصدقات واجلها على الإطلاق هو باب واسع من ابواب الخير والإحسان سواء كان بحفر الآبار او تزويدها بطلمبات المياه او الكهرباء او الطاقة الشمسية او حتى توزيعها بواسطة عربات التناكر اوتلك التى تجرها الدواب (الكارو) ،،
آبار مياه الحلفايا سقيا في زمن الحرب
صورة مشرقة رسمها ابناء حلفاية الملوك وهم يتسابقون في سقيا الماء لكافة مواطني المدينة بعد ان توقفت محطة المياه الرئيسة بالخرطوم بحري بفعل الحرب اللعينة التي القت بظلالها السالبة علي الجميع وكانت مدينة حلفاية الملوك واحدة من مدن السودان المتأثرة بنقص الخدمات بل وانعدامها احيانا خاصة خدمات الكهرباء والمياه والأخيرة الأشد بلا شك وقد تسابق اهل الخير لتوفير المياه بجلبها تارة من مياه النيل مباشرة واخرى بحفر الآبار الإرتوازية ونشير هنا الي مبادرة الأخ الفاضل سمح الخصال والصفات متوكل عبد الله عكاشة الذي تكفل بجفر بثر من امام منزلهم بحي شيلة صدقة جارية لوالدتهم المرحومة غفر الله لها الحاجة كلتوم خالد محمد نور قدورة نسأل الله تعالى ان يثقل بها ميزان حسناته كما نشير لبئر جامع ودامدودم بأشراف الأخ العزيز رجل البر والإحسان العبيد محمد مصطفى عبد الجليل ود امدوم ،،
هذا البئر كما علمت أعد بشكل احترافي جدا و يكاد يكون المزود الأساسي بالماء للحلفاية و ما جاورها و منذ أول يوم للحرب..
البئر فيه خطوط (4بوصة) لتزويد عربات و شاحنات محملة بالبراميل….
يمكنها ملء شاحنة بها أكثر من عشرين برميلا في نصف ساعة..
و منها تقوم هذه الشاحنات بنقل الماء و توزيعه على المواطنين بالمنازل..
و خطوط( 2 بوصة) لتزويد عربات (الكارو) التي تجرها الحمير خارج المسجد.بجانب خطوط لتزويد مواعين المواطنين حفاظات و باقات و جرادل واحد بوصة،، و مزود بصهاريج ضخمة لحفظ و اعادة ضخ الماء، و قاموا بتوصيل خراطيش مباشرة للمنازل القريبة..
البئر مزود بمولد كبير للتشغيل حال انقطاع الكهرباء..
حتى وقت قريب كانت العربات تنقل المياه منه للصافية و شمبات و ما جاورها.. و نشير كذلك لعدد من الأبار المتعددة بالمنطقة خاصة بئر مركز شرطة الحلفايا، بثر المقابر ، بئر هلالي ، بئر عجيب وبئر صهريج المياه الرئيس بالقرب من مسجد الشيخ عبد الدافع بسوق الحلفايا الذي اسهم فيه مؤخرا ابن منطقة شمبات والحلفايا الأستاذ سعد بابكر محمد نور وآؤلئك الذين كانوا يعملون من وراء الكواليس في نقل المياه بعربات نقلهم الخاصة (التناكر) المرحوم ابراهيم عمر وشقيقة محمد عمر وامير ووالدهم عمر ادريس ومصطفى الدرويش والصادق عبد الواحد (الدفيس) وادم حامد وعبد العظيم الشوش وهيثم السر البرديسي وا.سليمان عبده وابن العم محمد حسن ابن الخالة رحمها الله نور الشام العوض وغيرهم كثر من المتعاونين في هذا العمل الخيري العظيم ،، اسأله تعالى ان يجعله عملا متقبلا خاصا لوجه الكريم تثقل به الموازين يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم وعمل متقبل صالح مستمر الي يوم الدين وفي ذلك فاليتنافس المتنافسون .
عبد الكريم ابراهيم يكتب: حلفاية الملوك: قصة عطاء وإرادة.. حينما فاض الخير بعد انقطاع الماء
