كلام صريح – سمية سيد – الصين: قوة صاعدة تحول موازين العالم 1-2

ينعقد في مدينة شانغشا الصينية يومي ١٠-١٢الجاري الاجتماع الوزاري لمتابعة أعمال منتدى الشراكة الصينية الافريقية بمشاركة اكثر من ٤٠ دولة

تُعد الصين، بفضل تاريخها العريق وحضارتها الغنية، اليوم قوة عظمى صاعدة تترك بصماتها على المشهد العالمي في كافة الأصعدة. من النمو الاقتصادي المذهل إلى النفوذ السياسي والدبلوماسي المتزايد، تُعيد بكين تشكيل موازين القوى وتطرح نموذجًا فريدًا للتنمية.

تعد الصين اقتصاديًا معجزة النمو والتحديات المستقبلية ، حيث شهد الاقتصاد الصيني تحولًا جذريًا خلال العقود الأربعة الماضية، ليتحول من اقتصاد زراعي تقليدي إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم. تُعزى هذه المعجزة إلى مجموعة من العوامل على راسها الإصلاحات الاقتصادية إلتي بدأت منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي،حيث شرعت الصين في تطبيق إصلاحات “الانفتاح والإصلاح” التي تضمنت تحرير الأسواق، جذب الاستثمار الأجنبي، وتطوير البنية التحتية.
كما تعتمد الصين على قوة عاملة ضخمة وفرت الأيدي العاملة الوفيرة ورخيصة التكلفة والتي شكلت ميزة تنافسية هائلة للصناعات الصينية.
اعتمد النموذج الاقتصادي الصيني بشكل كبير على التصنيع والتوجه نحو التصدير، مما جعلها “مصنع العالم”.
* ادخلت استثمارات هائلة في قطاع البنية التحتية في الطرق، السكك الحديدية، الموانئ، والمطارات دعمت النمو الاقتصادي وربطت أجزاء البلاد.
التحول نحو الابتكار ففي السنوات الأخيرة، بدأت الصين في الانتقال من الاعتماد على التصنيع كثيف العمالة إلى التركيز على الابتكار والتكنولوجيا الفائقة، مع استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي، الحوسبة الكمية، والطاقة المتجددة.
التحديات الاقتصادية:
على الرغم من هذه النجاحات الكبيرة يواجه الاقتصاد الصيني تحديات كبيرة على راسها
ارتفاع الديون حيث تعاني بعض الشركات والمؤسسات المحلية من مستويات ديون مرتفعة.
كذلك التوترات التجارية اذ أدت التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وأوروبا إلى دعوات لـ “فك الارتباط” وتقليل الاعتماد على الصين.وهو العائق الذي تحاول بكين تجاوزه بعدة طرق

دبلوماسيًا تمثل الصين صعود القوة الناعمة والدبلوماسية النشطة
حيث تبنت الصين دبلوماسية نشطة ومتعددة الأوجه لتعزيز مصالحها العالمية وتمثل ذلك في “دبلوماسية المحافظة على السلام” من خلال تاكيد بكين على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ومبدأ السيادة الوطنية.
كذلك مبادرة “الحزام والطريق” وتُعد هذه المبادرة الضخمة للبنية التحتية والاستثمار حجر الزاوية في الدبلوماسية الصينية، وتهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر شبكة من الطرق والسكك الحديدية والموانئ.
بالإضافة إلى وجود الصين كقوة فاعلة في المؤسسات متعددة الأطراف حيث تشارك بفعالية في منظمات مثل الأمم المتحدة، منظمة التجارة العالمية، ومجموعة العشرين، وتسعى إلى تعزيز صوت الدول النامية.

خبراء العلاقات الدولية يصفون الصين بالقوة الناعمة وذلك لانها الدولة الوحيدة التي تستخدم أدوات القوة الناعمة مثل معاهد كونفوشيوس، التبادلات الثقافية، ووسائل الإعلام الحكومية لتعزيز صورتها الإيجابية في العالم.
تستخدم الصين الدبلوماسية الاقتصادية اذ تُعد العلاقات الاقتصادية أساسًا لدبلوماسيتها، حيث تستخدم الاستثمارات والتجارة لبناء الشراكات.
تُشكل المنافسة مع الولايات المتحدة على النفوذ العالمي محورًا رئيسيًا للدبلوماسية الصينية، خاصة في مناطق مثل آسيا والمحيط الهادئ وأفريقيا.
وتعد العلاقات الاقتصادية والشراكة بين الصين وأفريقيا نموذجا للتعاون الجنوب-جنوب حيث نمت هذه العلاقات بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، مدفوعة بالمصالح المتبادلة ..تمثل أفريقيا مصدرًا غنيًا بالنفط، المعادن، والمواد الخام التي يحتاجها الاقتصاد الصيني المتنامي.
كما توفر أفريقيا سوقًا ضخمة للمنتجات الصينية.بجانب الفرص الاستثمارية الكبيرة في البنية التحتية، الصناعة، والزراعة.
لذلك ظلت الصين تعمل على تعزيز دعم الدول الأفريقية في المحافل الدولية.من خلال نفوذها الدبلوماسي في المحافل الدولية
اماالمصالح الأفريقية في الصين فتبدو بوضوح من خلا الاستثمار في البنية التحتية حيث قدمت الصين تمويلًا وخبرة كبيرة لبناء الطرق، السكك الحديدية، الموانئ، والمطارات التي تفتقر إليها العديد من الدول الأفريقية.

في مجال التكنولوجيا والخبرة فقد كان للصين دورا بارزا في نقل التكنولوجيا والخبرات في مجالات مثل التصنيع والزراعة.
يرى كثيرون في أفريقيا والبلدان النامية انها البديل للغرب اذ تُقدم الصين بديلاً لمصادر التمويل والاستثمار الغربية، والتي غالبًا ما تأتي بشروط سياسية.
ويعد منتدى الشراكة الصينية الأفريقية (FOCAC) الآلية الرئيسية التي تُنظم وتُوجه العلاقات الصينية الأفريقية. ويهدف الى تعزيز الحوار السياسي بتوفير منصة للحوار رفيع المستوى بين الصين والدول الأفريقية .. و تطوير التعاون الاقتصادي من خلال تحديد مجالات التعاون في التجارة، الاستثمار، البنية التحتية، والتكنولوجيا .كذلك
تعزيز التنمية المشتركة ودعم التنمية المستدامة في أفريقيا من خلال المشاريع المشتركة والمساعدة الإنمائية.. توسيع التبادلات الثقافية والشعبية وتعزيز التفاهم المتبادل والصداقة بين الشعوب.

حول مستقبل العلاقات الصينية الأفريقية وبرغم محاولات العديد من الدول الكبرى احداث اختراقات عبر شراكات اقتصادية ومحاولات عدد من الدول الغربية استعادة نفوذها، غير ان العلاقات الصينية الافريقية ستظل شراكة متطورة لا تخضع لعوامل الابتزاز السياسي الدولي

Exit mobile version