الطاهر ساتي يكتب : أوفياء المرحلة و مصيدة العُملاء..!!

:: ومن أسرار معركة الكرامة التي يجهلها البعض و يتجاهلها البعض الآخر، 15 مايو 2023، أي بعد شهر من غدر آل دقلو بالشعب والجيش، وكانت السُلطة المركزية – الإدارية والمالية – للدولة السودانية قد انهارت تماماً، والخرطوم قد سقطت إلا من مواقع عسكرية محدودة و مٌحاصرة بالكامل، وكانت ولايات البلد قد تبعثرت بعد انفصال نُظمها الإدارية والمالية عن الخرطوم.. آنذاك، كان هناك خمسة أوفياء يتواثقون فيما بينهم على سد ثغورهم المدنية وحماية ظهر الجيش ومنع انهيار السودان ..!!

:: جبريل إبراهيم وزير المالية، مني أركو مناوي حاكم دارفور، عبد الله إبراهيم وكيل وزارة المالية، معاذ عبد الله بلال وكيل الحكم الاتحادي، و برعي الصديق محافظ بنك السودان .. يجب ألا تنساهم ذاكرة الأجيال، وذلك بما فعلوا في تلك الأسابيع العصيبة لكي لا يُقصم ظهر الجيش ثم يسقط السودان في قبضة مليشيا الإمارات.. جبريل و مناوي أعلنا الحياد سريعاً، فالحرب خدعة، ثم تقاسما الأدوار فيما بعد .. كان على مناوي أن يُخرج من يشاء من المسؤولين من دائرة الحرب إلى ولاية الجزيرة، وقد نجح .. بفضل الله، لولا قوات وعربات مناوي، لكان بعض المسؤولين – بمن فيهم مالك عقار شخصياً – من الشهداء و الأسرى ..!!

:: بعد إخراج عقار- بما يرتديه فقط – وآخرين، اقترح مناوي تقوية دفاعات الجزيرة لتكون ود مدني العاصمة الإدارية، لحين تحرير الخرطوم، ولكن كان لجبريل رأي آخر و معايير آُخرى للعاصمة الإدارية، و بها اختاروا بورتسودان.. وافقوا ثم ذهبوا إلى بورتسودان بلا أوراق، بلا أختام، بلا أجهزة، ثم اتخذوا إستراحة الموانئ البحرية سكناً ومكتباً لإعادة النُظم التي تُمكنهم من استرداد السلطة الإدارية المالية للدولة السودانية..!!

:: مُتلفحاً بالحياد غادر جبريل بفريقه – عبد الله، معاذ، برعي – إلى بورتسودان ليحمي ظهر الجيش والدولة من انهيار وشيك.. وكان مناوي قد عاد إلى الخرطوم، ليؤدي بعض المهام الصعبة بأمر رئيس المجلس السيادي والقائد العام للقوات المسلحة، و قد نجح في آدائها..وعلى سبيل المثال، نجح – بالحياد – في توصيل قوافل غذائية وأشياء آخرى إلى دارفور، ليقتات منها المواطن و الجيش.. وبذات الحياد نجحا في تقوية المشتركة بالرجال والعتاد، لتصمد شمال دارفور و تجهض حُلم آل دقلو في اعلان دولتهم و تحمي ظهر شمال السودان ..!!

:: و في إستراحة الموانئ، اتخذ جبريل وفريقه الوفي مكاتبهم غُرفاً لنومهم، ليواصلوا الليل بالنهارلإسترداد نٌظم الدولة المُنهارة ..ومن المحن، ذات صباح، وهم في إجتماع لتهيئة بورتسودان بالخدمات، لتسع الحكومة والنازحين والسفارات وغيرها، سمعوا صخباً بالخارج، فخرجوا للتقصي، وإذ هي مظاهرة – يقودها حمقى – تطالب بطردهم من الإستراحة..تأملوا، أوفياء يحترقون ليُجنّبوا الدولة الانهيار، و أغبياء يقعون في مصيدة العُملاء و يطالبون بطردهم.. ولاتندهش، كما لكل زمان أوفياء، فبكل زمان أغبياء، ولا أعني فقط بُوم المرحلة شيبة ضرار ..!!

:: يُقال أن طائر البُوم معدوم التفكير، ويعتمد على الطيور الأُخرى في كل شئ، بما فيه مسكنه، بحيث يتصيّد الطيور ويطردها من عُشها، ليسكن فيه، وذلك لعدم قُدرته على بناء عُش، وهكذا بُوم المرحلة ( شيبة ضرار) .. رجل محدود الأٌفق، يمشي بين الناس بالفتن، وبلا عقل غير ذاك القابل للتحريض وليس التفكير، مُهرّجاً بما يطلبه بعض الذين نلقبهم بالمسؤولين ..فالحرب التي نصطلي بنارها سببها إستغلال جهل آل دقلو لمآرب سُلطوية قبل وبعد الثورة، ومع ذلك هناك من لم يتعظ بعد، أي يتمادى في إستغلال جهل شيبة ضرار لذات المآرب..!!

:: المهم، نرجع للأوفياء .. فيما كان يتحرك مناوي غرباً بالإمداد، كان بالشرق جبريل و عبد الله ومعاذ وبرعي يستردون سُلطة الدولة المركزية ويربطون نُظمها الإدارية والمالية بالولايات الآمنة ويُديرونها بكفاءة وإخلاص.. أوقفوا أوجه الصرف، بما فيها المرتبات، لحين إعادة النظام المالي، وعندما أعادوها وجهوا بصرف نصف الراتب، ثم كاملاً مع تسوية المتأخرات، وذلك بعد تأمين ميزانية المجهود الحربي، وهذا لم يكن سهلاً..!!

:: لم يكن سهلاً استرداد نُظم الدولة المنهارة، وتوفير تكاليف الحرب في ظل خروج ( ٧٥٪؜ ) من الموارد من دائرتي الانتاج والتحصيل..ولم يكن سهلاً العمل على استقرار سعر الصرف – ٢.٦٠٠ جنيه للدولار- لعام و نصف العام، كأطول فترة إستقرار في العشرة سنوات الاخيرة.. ولم يكن سهلاً توفير السلع الأساسية رغم سياسة التجويع التي مارستها مليشيا الإمارات في مناطق إنتشارها..ولم يكن سهلاً الالتزام بمرتبات العاملين بالمرافق الإتحادية بنسبة (١٠٠٪؜)، بمن فيهم المقيمين بالخارج ..!!

:: ولم يكن سهلاً الالتزام بمرتبات الجيش وكل القوات النظامية بنسبة (١٠٠٪؜) ..ولم يكن سهلاً تنفيذ الزيادة المستحقة لمرتبات فرسان الجيش بنسبة (١٠٠٪؜)، منذ بداية هذا العام.. ولم يكن سهلا حماية ظهر الجيش لإسترداد السودان من براثن أوغاد الإمارات، ولكن الرجال زللوا الصعاب وهزموا المستحيل..و اليوم إن عجزنا عن شُكر أوفياء المرحلة على عزيمتهم التي أبقت السودان وطناً نختلف في حُكمه ونتفق، فلنسكت عنهم، وليس من مكارم الأخلاق أن يقع البعض في مصيدة عُملاء الإمارات ثم يصبح بُوماً للمرحلة ..!!

Exit mobile version