adilalfaki@hotmail.com
الادعاء الأمريكي باستخدام الجيش السوداني لغازات محرمة فرية كاذبة وبلا دليل
الهدف الرئيس من الادعاء حجب تعاون المؤسسات الدولية مع السودان
لن تقبل الولايات المتحدة والدول الغربية بغير حكومة سودانية خاضعة لها وتدور في فلكها
الحل هو بالاتجاه شرقاً والتعاون الاستراتيجي مع روسيا والصين
أعلنت الإدارة الامريكية انها بصدد توقيع عقوبات على السودان بسبب استخدام الجيش السوداني لغازات محرمة دوليا، وذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة “توصلت في 24 أبريل الماضي بموجب قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء عليها لعام 1991 (قانون الأسلحة الكيميائية والبيولوجية) إلى أن حكومة السودان استخدمت أسلحة كيميائية في عام 2024”.
وأوضحت المتحدثة أن الوزارة قدمت تقريرا إلى الكونغرس “يفيد بأن حكومة السودان غير ممتثلة للاتفاقية” مشيرة إلى أن هناك مهلة 15 يوما تمثل إخطار للكونغرس قبل فرض هذه العقوبات.
العقوبات الامريكية على السودان نهج اعتادت عليه الإدارات الامريكية المتعاقبة، وهدفه السيطرة على أي وضع سياسي ينشأ في السودان باستخدام سلاح العقوبات، والذي يدخل ضمن مفهوم القوة الناعمة.
منذ العام 1988 فرضت الإدارة الامريكية عقوبات شاملة على السودان، تم رفعها جزئياً في العام 2017 ونهائياً في 20 مايو من العام 2021، غير أنه بحدوث تغيير في تركيبة الحكم بتصحيح المسار الذي قام به الرئيس البرهان في أكتوبر 2021 أعلنت الخارجية الأمريكية يوم 26 أكتوبر 2021 تعليق الولايات المتحدة مساعداتها للسودان، وبحسب الخارجية الأمريكية فإن ذلك يأتي (على خلفية اعتقال العسكريين مسؤولين مدنيين في الحكومة). وقررت تعليق تقديم المساعدات من المخصصات الطارئة بقيمة 700 مليون دولار.
تبعت المؤسسات المالية الدولية المتمثلة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والدول الغربية خطى الولايات المتحدة، حيث أعلنت أنها لن تمنح قروض أو منح للسودان الا بوجود حكومة بقيادة مدنية في السودان.
المنظمات المالية الدولية اتخذت نفس الموقف عملياً بسبب القوة التصويتية التي تملكها الولايات المتحدة داخل هذه المنظمات.
ما حُرم منه السودان، بسبب هذا التدخل السافر في شؤونه الداخلية، شمل مسائل اقتصادية في غاية الأهمية والخطورة. فقد تم إيقاف مسار إعفاء ديون السودان الخارجية بموجب مبادرة الهيبيك، المخصصة للدول الأقل نمواً ذات المديونية العالية، على الرغم من انطباق كل شروط الاعفاء على السودان.
وتم عمداً إيقاف قروض ومعونات دولية قامت بالتنسيق لها مؤسسة التمويل الدولية في حدود 2675 مليون دولار، خصص منها 780 مليون دولار للإصلاحات المتعلقة بالكهرباء والطاقة، إلى جانب 575 مليون دولار للري والزراعة وحصاد المياه خاصة بحفر آبار في كردفان ودارفور وشرق السودان، و300 مليون دولار خصصت لوزارة الصحة والتعليم، و100 مليون دولار خصصت لمشاريع ريادة الاعمال (للمرأة والشباب)، بالإضافة الي 820 مليون دولار لبرنامج ثمرات (برنامج يستهدف تقديم معونة اجتماعية للأسر في السودان لمواجهة تبعات الإصلاح الهيكلي للاقتصاد) ، و100 مليون دولار اضافية لبرنامج الوقاية من كورونا مقدمة لوزارة الصحة.
إن فرملة مسار إعفاء الديون، وإيقاف القروض والمعونات من مؤسسات برايتون وودز الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، هو سلاح القوة الناعمة الذي تستخدمه الولايات المتحدة والدول الحليفة لها ضد السودان والجيش السوداني في الوقت الحالي.
لقد كان متوقعاً بعد تعيين الأستاذ الدكتور كامل ادريس الطيب رئيساً لمجلس الوزراء بالسودان، وشروعه في ترشيح وزراء مدنيين من التكنوقراط، أن ينتفي السبب الذي بموجبه أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية ومؤسسات التمويل الدولية تعاونها الاقتصادي مع السودان، لكن من الواضح إن الإعلان عن عقوبات جديدة غير مستندة لأي معلومات أو منطق، هو قطع مسار للتعامل الجديد الذي كان مرتقباً مع تعيين الدكتور كامل إدريس، وهو ما يستدعي إرادة وطنية قوية للتخطيط لمسار آخر للعلاقات الاقتصادية الخارجية للسودان. يركز على التعاون مع دول الشرق، والدول أصدقاء السودان، وهو ما سنتناوله تفصيلاً في مقال قادم بإذن الله تعالى.
ببساطة -دكتور عادل عبد العزيز الفكي – العقوبات الأمريكية الجديدة- المرامي والأهداف
