خلال تحليلي للموقف العملياتي ببرنامج “محور الأحداث” ، أشرت إلى أن متحرك “الصياد” قد دخل مرحلة الانفتاح العملياتي بعد أن أنجز ترتيباته اللوجستية والتكتيكية، وبدأ بتنفيذ ضربات نوعية، من أبرزها تحرير العيارة. وأكدت حينها أن هذا المتحرك يمثل تحولًا نوعيًا في الأداء العسكري، من الانتشار التقليدي إلى التحرك الذكي المحسوب في عمق الميدان، وهو ما جسدته معركة الخوي بامتياز.
▪️أشرت في تحليلي إلى أن “الصياد” لا يعمل بطريقة تقليدية، بل يطبق مبدأ (الضربات المركزة والتنقل السريع عبر محاور متعددة يصعب توقعها). وهذه الفلسفة تظهر في مسار المعارك الأخيرة، حيث لا يتيح المتحرك للعدو فرصة التمركز أو إعادة الانتشار. معركة “الخوي” جسدت هذه الرؤية بوضوح، حيث لم تمنح العناصر المعادية وقتًا كافيًا للتأقلم مع المتغيرات أو حتى الهرب من أرض المعركة.
*_صياد لا يخطئ فريسته_*
▪️ما حدث في الخوي لم يكن صدفة أو ردة فعل، بل ثمرة خطة محكمة اعتمدت على الرصد المبكر، وجمع المعلومات الدقيقة، واختيار مسرح المعركة بعناية. تمت مراقبة تحركات العدو ورصد نواياه، وتم دفعه – بشكل غير مباشر – نحو نقطة اشتباك كانت معدة مسبقًا، بما يشبه كمينًا عملياتيًا واسع النطاق.
▪️بينما كانت المليشيا تمارس استعراضها داخل المدينة، جاء الرد من القوات المشتركة بضربة مباغتة أربكت صفوفهم، مستهدفة النقاط الأضعف والأكثر تجمعًا. المعركة كانت خاطفة، لكن أثرها النفسي والعملياتي كبير، وأثبتت أن زمام المبادرة لم يعد بيد المليشيا.
*_أثر استراتيجي يتجاوز حدود المدينة_*
▪️نجاح “الصياد” في الخوي ليس محصورًا في استرداد مدينة، بل هو توسيع لبنك الأهداف واستكمال لمحور عمليات أكبر يمتد غربًا نحو النهود وأبو زبد، وربما أبعد. كما أن هذا الإنجاز يمنح القوات المسلحة نقطة ارتكاز مهمة للتمدد جنوبًا أو غربًا بحسب مقتضى المعركة، مما يعيد ترتيب موازين القوى في إقليم كردفان بشكل واضح.
▪️من أبرز ما يمكن رصده في هذه العملية هو الدور النوعي للمعلومات الاستخباراتية الدقيقة والتنسيق المسبق بين الوحدات. يبدو أن العدو كان مراقبًا خطوة بخطوة، وهو ما مكن متحرك “الصياد” من استباقه في الحركة والمفاجأة في الضربة. هذا التنامي في كفاءة الاستطلاع والتحليل الميداني يعكس نضجًا كبيرًا في أداء القوات المسلحة على مستوى التخطيط والتنفيذ.
_*خلاصـة القــول و منتهــاه :*_
▪️ما تحدثنا عنه في “محور الأحداث” لم يبقَ في إطار التقدير التحليلي، بل ترجمته معركة الخوي إلى وقائع ميدانية تؤكد أن الجيش بات يمسك بزمام المبادرة في أكثر من محور. ومع كل تحرك لمتحرك “الصياد”، يتراجع المشروع المعادي خطوة، ويُحرم من أدواته النفسية والدعائية.
هذه ليست مجرد معركة ناجحة، بل رسالة واضحة بأن القادم أكثر إيلامًا للعدو، وأكثر دقة من جانب الجيش، وأن “الصياد” حين يختار توقيته، لا يترك لخصومه مجالًا للمناورة أو الإفلات.