أخر الأخبار

خبر وتحليل – عمار العركي : “إريتريا توالي رسائل الدعم الصريحة… والخرطوم تُصرّ على قراءتها بالمقلوب؟”

▪️ في خطوةٍ استراتيجية بالغة الدلالة، أقدمت الجارة إريتريا على إرسال وحدات قتالية من البحرية إلى مدينة بورتسودان، بقيادة نائب قائد البحرية وبتوجيهات مباشرة من الرئيس أسياس أفورقي، مرفقة بتصريحات تضامن قوية مع السودان وقيادته الشرعية.
▪️هذه الخطوة، التي تحمل في مضمونها دعمًا سياسيًا وأمنيًا غير مشروط، قُوبلت من الجانب السوداني الرسمي بفتور غير مبرر، وغياب واضح للتقدير الذي يوازي أهمية هذه المبادرة الإريترية، في وقتٍ يحتاج فيه السودان إلى بناء تحالفات إقليمية راسخة، لا سيما مع دول الجوار، وإريتريا في مقدمتها بحكم الموقع والتاريخ والتداخلات الأمنية المباشرة.
▪️ هذا الموقف السلبي يعيد إلى السطح تساؤلات مشروعة لطالما طُرحت ولم تجد إجابة: ما الذي يحكم إدارة ملف العلاقة مع إريتريا من جانب الخرطوم؟ ولماذا يُدار هذا الملف – تحديدًا – بذهنية الانغلاق والهواجس، رغم أن كل المؤشرات الواقعية والسياسية والأمنية تُحتم السير في اتجاه تطبيع كامل وتحالف استراتيجي معها، لا سيما منذ ما قبل اندلاع الحرب، التي لم تفعل سوى تأكيد ما كان بديهيًا من قبل؟

*_تحليل أبعاد الخطوة الإريترية_ :*

▪️ *تأكيد التحالف الإقليمي مع القيادة السودانية* :
وصول القوات البحرية الإريترية إلى بورتسودان يحمل في طياته إعلان دعم صريح للقوات المسلحة السودانية، وتثبيت لموقف أسمرا المناهض للمليشيات المدعومة من الخارج، مما يجعل من هذه الخطوة جزءًا من اصطفاف سياسي وأمني في معركة السودان المصيرية

▪️ *رسالة ردع إقليمية:* التحرك الإريتري يشكل رسالة ردع متعددة الاتجاهات لقوى إقليمية (مثل الإمارات وتركيا وقطر) تسعى لمدّ نفوذها عبر البوابة البحرية للسودان، وهو ما يعزز موقع السودان في معادلة البحر الأحمر.
▪️ *تعزيز التنسيق الأمني والاستخباري* :
وجود نائب قائد البحرية الإريترية على رأس القوة الواصلة يعكس حجم التنسيق والتفاهم العميق بين الجانبين، ويُرجّح وجود ترتيبات أمنية واستخباراتية مشتركة في إطار حماية الساحل الشرقي من الاختراقات المعادية.

▪️ *تعديل توازنات البحر الأحمر* :
الخطوة تمنح السودان غطاءً إقليميًا نوعيًا وسط فتور المواقف العربية والدولية، وتُعيد ترتيب موازين القوى لصالح الشرعية السودانية.
▪️ *موقع إريتريا في معادلة أمن البحر الأحمر* :
من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن إريتريا عضو مؤسس وفاعل في مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، إلى جانب السودان، السعودية، مصر، اليمن، الأردن، جيبوتي، والصومال. ويعكس هذا الدور موقعها المتقدم في أي معادلة تخص أمن البحر الأحمر، ما يجعل التنسيق معها أمرًا استراتيجيًا لا غنى عنه في صياغة مقاربة سودانية متماسكة لحماية أمنها البحري.

*_خلاصــة القــول ومنتهــاه_ :*

▪️الخطوة الإريترية لم تأتِ من فراغ، وهي ليست مجرد تنسيق عابر، بل تمثل اصطفافًا استراتيجيًا ينبغي قراءته بوعي وطني عميق. أما استمرار الخرطوم في إدارة هذا الملف الحيوي بذهنية التوجس والمواقف الشخصية، فليس سوى قراءة مقلوبة لرسائل الجغرافيا والواقع والمصلحة الوطنية. فإلى متى تظل الخرطوم تُصرّ على قراءتها بالمقلوب؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى