
افضل توصيف لما حدث فى بورتسودان امس انه ” عدوان خارجي”، نفذته “امارات الشر”، لم يعد العالم ولانحن بحاجة لأدلة جديدة على تورط ابوظبي فى قتل السودانيين، فقد وضح كل شئ، وما علينا الا اعلان المواجهة المفتوحة بلا محاذير مع هذا العدوان الغاشم الذى ظلت تسجل فيه “دولة ال زايد” اسوأ انواع الانتهاكات ، فقد فعلوا ببلادنا وشعبنا كل شئ بينما لازلنا نمارس حذرا غير مبرر فى التعاطي مع هذه الدولة الظالمة..
لم يحمل العدوان فى تقديري جديدا فقد فعلوها من قبل حينما استهدفوا الفريق الاول عبدالفتاح البرهان ب “جبيت” نهاية يوليو الماضي فى احتفال تخريج طلاب الكلية الحربية، لذا لم يكن من المستبعد على الاطلاق ان يعيدوا الكرة مرة اخرى، ولا اعتقد ان هذه المحاولة ستكون الاخيرة فى بورتسودان برمزيتها المعلومة أو اية بقعة من السودان.
الخطا الاستراتيجي الذى وقعت فيه الدولة هو استغراقها فى الاحساس بالنصر وانتهاء المعركة منذ لحظة تحرير القصر الجمهوري ، وقد نبهنا الى خطأ ذلك فى لحظته، وذكرنا ان الحرب مفتوحة وستكون طويلة حتى استئصال شأفة المليشيا العاجزة، وكفيلها الذى ظل يغدق عليها من الاسلحة النوعية كلما ضاق بها الحصار، ومنيت بالهزائم من قبل جيشنا الباسل وقواته المساندة..
استبدت بنا نشوة النصر حتى تخيلنا ان الخطر قد زال، فدخلنا فى رفاهية التنازع على مستوى قياداتنا وراينا كيف انهم يتراشقون بتهم الفساد فى المنصات العامة والقنوات التلفزيونية على الهواء مباشرة.
قبل ايأم وبينما ظل كبار الدولة يتبادلون تهم الفساد كانت النهود محاصرة، وسقطت بعد ذلك فى يد المليشيا المجرمة..
فى بورتسودان محل ” الرئيس بنوم والطيارة بتقوم” تراجع الاحساس بالحرب، ووجدنا انفسنا امام مدينة مختلفة تزكمها روائح الفساد، لاتكاد تستشعر فيها زهد الحاكمين و”لا غبش” الممسكين بالسلطة، تسريبات حول فساد ، اعفاءات، كوميشنات، وتعيينات، واحتفالات، لاعلاقة لها بواقع محمد احمد المكلوم فى كل بقاع السودان والمجروح بتاثيرات الحرب وارتداد اثارها النفسية على شعب مازال يتوزع بين اللجوء والتنزيح.. ويواجه مصائر القتل والسحل والنهب والاغتصاب…
ايهما أقسى على الشعب السوداني، المسيرات ام الفساد، تراجعت للاسف همة المعركة وانصرفنا للاحتفال بالغنائم، وترك الرماة مواقعهم ، فالتف العدو وعاد من جديد عبر احتلال النهود وتهديد الخوي والابيض، وادارة حرب المسيرات القذرة…
السودان فى حاجة الان لاعادة ضبط المصنع، والعودة بالشعب والسلطة الغارقة فى النزاعات الى اجواء الحرب ، ماكان بامكان الصدمة ان تستبد بالناس، لو كانوا على حزية الانفعال بالمعارك، ولكن الواقع الذى نعيشه فى ملفات عديدة يشعرنا بان بلادنا تحررت فى كل بقعة، او انها لم تدخل الحرب مطلقا..
نحن بحاجة الى اعادة ترتيب الصفوف والانفعال على مستوى القيادة بواقع الناس الذين لايجدون الان ما ياكلون ويشربون، و الانتباه لتضحيات بواسل قواتنا المسلحة اذ تراجع الاحساس بما يقدمون ويفعلون…
الواقع يقول ان ضربة نيالا وهلاك حملة الجنسية الاماراتية فى العملية النوعية، اغضب ابوظبي، فارادت ان ترد فى العمق، واختارت بورتسودان العاصمة الادارية ، وكذا سيكون الحال عندما تضيق عليهم الدوائر فى ميادين المواجهة المباشرة، وليس هنالك اكثر من هزيمة للمليشيا المجرمة وكفيلها اكثر من الاحتفال بنصر فى تخوم السودان البعيدة وهم الذين كانوا يقتربون من غرفة البرهان فى القيادة العامة فى الساعات الاولى للحرب، فخرجوا ذليلين مقهورين صاغرين من سنار والجزيرة والخرطوم والنيل الابيض، وسيغلبون ويطردون كذلك من كل ارض دارفور الحبيبة ومن النهود ، وسيشيعهم السودانيون الى مزبلة التاريخ هم وحاضنتهم السياسية من عملاء الامارات ونشطاء السفارات..
ليس لهذا الشعب ما يخسره، فقد فقد كل شئ الا كرامته التى لن تستطيع ان تسلبها الأمارات، ويا كبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر..
العودة لاجواء المعركة مطلوبة، والتسامي فوق الصغائر واجب، وتماسك القيادة امر ملح فى هذه المرحلة، والارتفاع لمستوى التحديات ومكافحة الخلافات والفساد هو مفتاح العبور نحو العافية الوطنية المنشودة، اما الأمارات والمليشيا فسيهزموت عاجلا او اجلا وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون…