مع ظهور نتيجة الشهادة السودانية وبعد أن تنقشع سحابة المهنئين يعقد مؤتمر أسري صغير يكون عفوياً في الغالب لتحديد وجهة الطالب الجامعية الجديدة .
بعض أولياء الأمور من الطبقة المتعلمة قد يساعد طالبه ويناصحه في تحديد مساره الأكاديمي وهؤلاء قلة ، في السودان تنحصر أمنيات الأسرة في نطاق ضيق جداً مرده الوسط الإجتماعي الذي تعيش فيه فتعتقد الأسرة أن هذا الإبن إذا لم يدخل كلية الطب أو الهندسة مع الكراهة ( مع تحديد كليات وجامعات معينة) فإنه قد لازم الفشل لذلك نجد بعض الأسر وعلى سبيل المثال إذا أحرز الطالب نسبة ٨٠٪ في المساق العلمي توجهه لدراسة الطب في برنامج القبول الخاص فيعاني الطالب طيلة ال ٦ سنوات في إجتياز الفصول الدراسية وأحياناً يضطر لإعادة العام الدراسي ويتخرج بعد صعوبات تجعله محبطاً وقانعاً من تطوير نفسه ومواصلة مشواره الأكاديمي ، في حين أن نفس الطالب وبنفس النسبة إذا التحق بأي كلية من كليات العلوم الطبية ذات النسب الأدنى فسيتميز أكاديمياً ولن يعاني في الإيفاء بمتطلبات الدراسة لأن ذلك هو مستواه فعلاً ، أما إذا إلتحق ذلك الطالب صاحب المساق العلمي بأي كلية من كليات التخصص الأدبي ( تربية ، آداب) مثلاً فسيكون من المميزين والمبرزين أكاديمياً أثناء الدراسة ومهنياً بعد التخرج خصوصاً إذا امتهن التدريس لأن مواد المساق العلمي ( كيمياء، فيزياء، رياضيات متخصصة، أحياء، هندسية) قد درسها الطالب مجتمعة وأحرز فيها نتيجة مميزة فإذا تفرغ لواحدة منها دراسة وتبحراً فسيتميز فيها بلا شك ، أيضاً يجب تصحيح المفهوم الخاطئ أن تخصصات المساق الأدبي ينتسب إليها محرزي النسب القليلة أو أصحاب المستوى المتأخر علماً أن الدول تنهض بالإدارة والإقتصاد والزراعة والتعليم وعلوم الإجتماع وما شابه .
الظروف الإقتصادية أيضاً لها تأثير على إختيار التخصص فيفكر الطالب ولي الأمر في قصر الفترة الدراسية ودخول الطالب المتخرج لسوق العمل باكراً ومن ثم تكوين نفسه وإستقلاله مادياً للإنخراط في الحياة الإجتماعية وذلك يتقاطع مع رغبة الطالب والأسرة وإمكانياته أيضاً .
عموماً ترك الإختيار المطلق للطالب ينافي الصواب لأن تفكيره يكون محدود جداً بالإضافة لقلة الخبرة في الحياة عموماً ، أيضاً إنفراد الأسرة أو ولي الأمر بإختيار الوجهة دون الإحاطة بقدرات الطالب وما يمكن أن يتميز ويبرع فيه يضر الطالب في الأول والأخير وقد يدمره أكاديمياً ويكون آخر عهده بالدراسة بعد تخرجه مباشرة .
الأمر يحتاج لتأني ومشورة وتشاور وإستخارة فكما نقول نحن العسكريين ( الغلطة في الذخيرة هي الأولى والأخيرة ) أيضاً إختيار مجال الدراسة يجعل الطالب في طريق لا يمكن الرجوع عنه بإعتباره مفترق طرق يصعب الرجوع منه للخلف .
وفق الله الجميع لما فيه الخير وما فيه النفع لهذي البلاد التي نحبها ونفتديها .
العزة والرفعة والمنعة لقواتنا المسلحة الباسلة