بقلم : الصادق محمد احمد
في وقت تواصل فيه قوات الجيش السوداني إنتصاراتها الساحقة على الأرض على المليشيات المتمردة تبرز تحديات جديدة تهدد بتأخير الحسم الكامل ، أبرزها الإستخدام المكثف للمسيرات الاستراتيجية والانتحارية التي تستهدف المرافق الحيوية والبنية التحتية المدنية والعسكرية، هذه المسيرات التي باتت تظهر بقدرات تقنية متقدمة، قادرة على تجاوز أنظمة التشويش والتخفي عن الرصد التقليدي، تمثل اليوم سلاح مليشياوي خطير يهدف إلى إرباك الإنتصارات العسكرية المتتالية وتشتيت التركيز عن المعارك البرية التي تميل بشكل حاسم لصالح القوات المسلحة ، فالتقارير المتواترة عن امتلاك مليشيات الدعم السريع لطائرات حربية خفيفة – بدعم خارجي – ترفع من مستوى التهديد، مما يستدعي تطوير استجابة عسكرية شاملة تتجاوز العمليات البرية الناجحة، فلا يكفي تطهير الأرض من عناصر التمرد مادامت هناك طائرات مسيرة تخترق الأجواء وتنفذ ضربات خاطفة قد تستهدف مواقع حيوية أو منشآت خدمية كبرى، مما قد يؤدي إلى تأخير الحسم العسكري الكامل للمعركة ضد المليشيات المتمردة .
من هنا تتزايد الحاجة إلى تحصين الانتصارات البرية بدفاع جوي فعّال، سواء عبر إمتلاك منظومات مضادة للطائرات بدون طيار، أو من خلال حيازة سلاح جوي قادر على فرض الهيمنة الجوية الكاملة.
لا شك أن توفير مثل هذه القدرات يتطلب إما تصنيعاً عاجلاً أو إبرام اتفاقيات دفاعية مع دول صديقة قادرة على دعم السودان بأنظمة دفاع متقدمة، تماماً كما فعلت دول أخرى في المنطقة من خلال إبرام اتفاقيات دفاع مشترك مع تركيا وقوى إقليمية كبرى، هذا المسار، رغم ضرورته القصوى قد تعترضه بعض التحديات السياسية والدبلوماسية، لا سيما في ظل التوازنات الإقليمية الحساسة، إلا أن واقع المعركة يفرض التحرك سريعاً قبل أن تتوسع آثار و مدى التخريب الذي تسببه هذه المسيرات التي تتنوع وتتعدد أهدافها يوماً عن يوم .
في هذا السياق جاءت تصريحات القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مبشرة حين أكد للشعب السوداني أن زمن مسيرات المليشيا شارف على نهايته. هذه البشرى فتحت باب التساؤلات حول ما إذا كانت القيادة العسكرية قد أبرمت بالفعل اتفاقاً دفاعياً مع قوة إقليمية لتسريع تسليم منظومات مضادة للمسيرات، أم أن الأمر لا يزال في طور التفاوض وقد يستغرق بعض الوقت الإضافي ، و مهما كانت التفاصيل التي تحفظت القيادة العسكرية عن كشفها لدواعٍ أمنية ربما، فمن المؤكد أن الجيش ماض في معركته حتى النصر الكامل، وأن كل تأخير في تحييد هذا السلاح الجبان قد يكلف السودان المزيد من الأضرار في مرافقه الحساسة ،فمن الواضح أن معركة الحسم الأخيرة لن تكون معركة دبابات وجنود فقط، بل ستكون أيضاً معركة تكنولوجيا وسيطرة على السماء، وهو ما يدركه الجيش السوداني الباسل الذي أثبت خلال الأشهر الماضية أنه لا يتراجع ولا يساوم في معركة الوطن الكبرى ضد المليشيات المجرمة.
المعركة تقترب من نهايتها، والإرادة السودانية التي كسرت تمرد المليشيات على الأرض ستسحق قريباً آخر أدواتها ، لتبقى راية السودان خفاقة فوق أرضه وسمائه معاً.