
كشفت قناة “فرانس 24” في تحقيق استقصائي موسّع عن تورط شركة إماراتية في تسهيل وصول شحنة من قذائف الهاون البلغارية إلى ميليشيا الدعم السريع السودانية، في خرق صارخ لحظر السلاح المفروض على السودان من قبل الاتحاد الأوروبي منذ عام 2004.
وبحسب التحقيق، فإن الشحنة التي تضم قذائف هاون من إنتاج شركة بلغارية صغيرة تُدعى ARM-BG، تم تصديرها عام 2019 إلى شركة إماراتية تُعرف باسم “إنترناشونال غولدن غروب” (IGG)، وهي مقاول رئيسي للجيش الإماراتي. وأرفقت الشركة الإماراتية صفقة التوريد بشهادة “مستخدم نهائي” تؤكد أن القذائف مخصصة للقوات المسلحة الإماراتية فقط، ما سمح بتمرير الصفقة عبر القنوات الرسمية في بلغاريا.
إلا أن صورًا ومقاطع فيديو التُقطت في أغسطس 2023 من إقليم دارفور، لا سيما في معسكر زمزم للنازحين، أظهرت مقاتلين من الدعم السريع بحوزتهم قذائف مطابقة لتلك التي أنتجتها ARM-BG. ونجح فريق “فرانس 24 – مراقبون” في مطابقة الأرقام التسلسلية والرموز الصناعية، مؤكدًا أن هذه القذائف خرجت من بلغاريا عام 2020 ضمن تلك الصفقة.
ورغم الأدلة، لم تصدر الحكومة البلغارية أي تعليق رسمي، بينما تؤكد الإمارات أن الشحنة لم تغادر أراضيها، وفقًا لسجلات جمركية، في وقت تؤكد فيه الحقائق الميدانية العكس.
ويرى خبراء في القانون الدولي أن ما حدث يمثل خرقًا واضحًا لمعاهدة تجارة الأسلحة، وأن استخدام هذه القذائف في مناطق مدنية مثل دارفور والخرطوم والجزيرة قد يرقى إلى جرائم حرب تستوجب المساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
كما أشار التحقيق إلى أن شركة IGG ورد اسمها سابقًا في تقارير أممية اتهمتها بإعادة تصدير أسلحة إلى مناطق نزاع في ليبيا واليمن وسوريا، ما يثير تساؤلات حول ضعف الرقابة الأوروبية والتواطؤ المحتمل في تجاوزات قانونية جسيمة.
ودعا التقرير في ختامه إلى فتح تحقيق دولي شفاف، وتقديم ملف هذه الصفقة إلى المحكمة الجنائية الدولية، لضمان محاسبة المتورطين من شركات وحكومات، ووقف تدفق السلاح إلى مناطق النزاع التي تعاني من أزمات إنسانية متفاقمة