ذلّ من لا سيف له………!!!

منقول

لقد كانت أوكرانيا يومًا جزءًا من كيانٍ عظيم، تحت راية الاتحاد السوفييتي، فلما انهار البناء وتفرقت أوصاله، ورثت هذه الدولة الناشئة ما كان لها من القوة، فوجدت نفسها تملك من السلاح ما تهابه الممالك وتخشاه الجبابرة. فقد ورثت ترسانةً نوويةً عظيمة من الاتحاد السوفييتي، جعلتها ثالث قوة نووية في العالم بعد روسيا والولايات المتحدة. كان على أرضها ما يقرب من 1,900 رأسٍ نووي استراتيجي سوفييتي، إضافة إلى نحو 2,500 سلاحٍ نووي تكتيكي، فضلًا عن منظومات الإطلاق مثل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBMs) وقاذفات القنابل الاستراتيجية، التي كان يمكن لها أن تجعلها قوة يُحسب لها ألف حساب.

ولكن، حين استمع الأوكرانيون لنداءات “السلام”، ووعود “الأمان”، وتعلقت قلوبهم بأوهام الضمانات، جاءتهم مذكّرة بودابست في عام 1994، فبسطوا أيديهم بالسلم، وألقوا ما بأيديهم من بأس، ورضوا بأن يكونوا بلا سيف. ففي 5 ديسمبر 1994، وقّع زعماء كل من أوكرانيا، وروسيا الاتّحادية، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة على مذكّرة بودابست، التي تضمنت التزام هذه الدول باحترام سيادة أوكرانيا وحدودها، مقابل تخليها عن ترسانتها النووية، حيث تعهّدت كل من روسيا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة بـ:

1. **احترام استقلال أوكرانيا وسيادتها ووحدة أراضيها.**
2. **الامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ضد أوكرانيا.**
3. **عدم استخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا.**
4. **الامتناع عن الضغط الاقتصادي عليها.**
5. **العمل عبر الأمم المتحدة إذا تعرضت أوكرانيا لعدوان نووي.**

اعتقد الأوكرانيون أن هذه العهود الموقّعة على الورق قادرةٌ على أن تحمي شعبًا أعزلًا، أو أن تصدّ عدوانًا إذا وقعت الواقعة.

فلما جاءت المحنة، ودارت الأيام دورتها، كانت أوكرانيا بلا سلاح، وكانت العهود سرابًا، فإذا الأرض تُغتصب، والحدود تُنتهك، والسيادة التي وُعدت بالحفظ تُداس تحت أقدام الطامعين. أما الحلفاء الغربيون، فلم يقدّموا العون إلا مقابل شروطٍ وأطماعٍ وإذلالٍ، كما حدث مع رئيسها زيلينسكي حين وقف مستجديًا دعم ترامب في مشهدٍ مهين يعكس حقيقة هذا العالم الذي لا مكان فيه للضعيف.

إنها العبرة لكل أمة تُفكر في أن تخلع سلاحها، وأن ترمي درعها، وأن تظن أن في عالم اليوم مكانًا لمن لا بأس له، أو أن هناك عهدًا يحفظ الضعيف إن لم يكن في يده ما يدفع به عن نفسه. فالعالم لا يفقه إلا لغة القوة، ومن فرّط في سيفه، فقد كتب على نفسه الذل والهوان.

Exit mobile version