ببساطة – دكتور عادل عبد العزيزر المجلس القومي للتخطيط إضافة رائعة بالوثيقة الدستورية

adilalfaki@hotmail.com
لأول مرة في التاريخ الدستوري للبلاد يتم النص على إنشاء مجلس قومي للتخطيط والتعاون الدولي.

هيمنة وحاكمية التخطيط الاستراتيجي من مطلوبات مرحلة إعادة الاعمار بعد الحرب.

قانون المجلس يجب أن يكون له أنياب وأظافر.

سيكون المجلس فوق الوزارات وتحت إشراف المجلس السيادي.

إضافة مهمة ورائعة ظهرت في الوثيقة الدستورية الانتقالية (تعديل) لسنة 2025 التي أجيزت وبدأ العمل بها يوم 19 فبراير 2025. هذه الإضافة الفريدة لا يوجد لها مثيل في الدساتير السابقة للبلاد. وقد جاء نص المادة 79 المضافة على النحو التالي (ينشأ مجلس يسمى [المجلس القومي للتخطيط والتعاون الدولي] ويحدد القانون سلطاته واختصاصاته، ويعمل تحت إشراف المجلس السيادي).

دستور السودان للعام 2005 ورد فيه نص يشير إلى أن (التخطيط والسياسة الاقتصادية الوطنية) تقع ضمن الاختصاصات القومية بالجدول (أ) المرفق بذلك الدستور. تم الاكتفاء حينها بتسمية وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، كما تم إنشاء المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي، الذي كان على عظم وقيمة منسوبيه من العلماء الأجلاء لا يعدو أن يكون مركز أبحاث استشاري تأخذ الوزارات حينا برأيه، وتتجاهله في أحايين أخرى كثيرة.

يجمع الكثيرون من أهل الرأي والفكر على أن ما انتظم الاقتصاد السوداني من خطط طويلة وقصيرة المدى وبرامج اقتصادية مرحلية كان يفتقد للفلسفة الاقتصادية التي تصوب مسار الخطط وتضعها دائما في جادة الطريق المحقق للأهداف.

عرف السودان برامج التنمية منذ منتصف الاربعينات حيث تم وضع أول برنامج تنموي – استثماري لفترة 46 – 1951م، أي بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة ثم أعقب ذلك مباشرة برنامج خماسي آخر لفترة 51 – 1956م. وقد تم إنشاء إدارة في مصلحة المالية -فيما بعد وزارة المالية- تحت أسم إدارة الإنشاء والتعمير ثم إدارة التخطيط.

وأستمر الجهد التنموي تحت مظلة هذه الإدارة حتى عام 1969م، حيث تم إنشاء وزارة التخطيط بدلاً عن إدارة التخطيط، ثم تم تحويلها الى مجلس التخطيط القومي، ثم الى مفوضية التخطيط في عام 1973م، ثم الى وزارة التخطيط القومي عام 1975م.

ظلت العقدة على الدوام في التجارب السابقة افتقار المخطط الاستراتيجي للتمويل المالي لبرامجه القطاعية، ذلك لأن الجسم المسؤول عن التخطيط إذا كان داخل وزارة المالية يهيمن على وجوده ويسيطر عليه قطاع الخزانة، وإذا كان خارجها فهو بالنسبة لوزارة المالية وحدة من الوحدات فحسب.

بعد انتهاء حرب الكرامة بالانتصار المؤزر لجيشنا الوطني، والقوات المساندة له، وسط إجماع شعبي لا مثيل له مساند للقوات المسلحة وقيادتها، نحتاج للمجلس القومي للتخطيط والتعاون الدولي لقيادة إعادة إعمار السودان. ولا يقتصر الأمر على التخطيط الاقتصادي إنما يمتد ليشمل كل مجالات الأمن القومي، حيث يتوقع أن يعمل المجلس من خلال دوائر متخصصة تشمل: السياسي الداخلي، التعاون الدولي، العسكري والأمني، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي، الإعلامي، البيئي، الاتصالي والمعلوماتي، الإنساني.

تعمل كل هذه الدوائر وفق رؤية استراتيجية واحدة، لتحقيق أهداف متفق عليها. ومن المهم أن ينص قانون المجلس على سيادة التخطيط الاستراتيجي وعقاب من يخرج على المخطط الاستراتيجي وزارة أو كيان أو مؤسسة مهما كانت وضعيتها.

ولعل وضع المجلس تحت إشراف مجلس السيادة يحقق له هذه الهيمنة المطلوبة.

لقد حققت العديد من الدول الاستقرار والتنمية بسيادة وإلزامية مخططها الاستراتيجي. وإلزام الوزارات الايراداية بتوفير التمويل اللازم للمخطط الاستراتيجي ببرامجه المختلفة.

من المهم أيضاً في المرحلة المقبلة تحديد الشركاء الدوليين الذين نعمل معهم، بناءً على مواقف الدول والمنظمات من حرب الكرامة التي اجتازها شعبنا العظيم بشجاعة لا مثيل لها. والله الموفق.

Exit mobile version