
..
انتقادات شديدة اللهجة لموقف الحلو وتنسيقه مع ميليشيا آل دقلو..
خلافات عاصفة بين صفوف تحالف القوى الموقعة على ميثاق نيروبي..
تنافر مكوِّنات تحالف نيروبي، تنذر بفشل مبكر لمشروع الحكومة الموازية..
لن يقف السودان مكتوف الأيدي أمام تهديد سيادته وتمزيق وحدته..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
كشفت تقارير صحفية عن خلافات عاصفة بدأت تضرب بنية القوى السياسية والمجتمعية المكوِّنة لتحالف نيروبي الذي وقع على الميثاق السياسي ” تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى”، فبجانب الصراع الذي تسرب حول رئاسة مجلس السيادة بين ميليشيا الدعم السريع والحركة الشعبية -شمال-، فإن عدة أسباب أخرى ربما تعمل على تجريف الميثاق السياسي المولود ميتاً بسبب التنافر الواضح بين مكوناته، حيث تنادي بعضها بعلمانية الدولة، فيما يرفض بعضها الآخر الفكرة، ويعاني تحالف نيروبي من عدم اعتراف بعضهم بقيمة البعض الآخر من حيث الوزن العسكري، هذا فضلاً عن الخلافات في المسائل الإجرائية المتعلقة بدمج الجيوش، وكيفية تجاوز مطب العقوبات الأمريكية المفروضة على قادة ميليشيا الدعم السريع ( دقلو إخوان) وغيرهم من قيادات الصف الأول في الميليشيا المتمردة.
كينيا في فتيل:
وتواجه كينيا ضغوطاً كبيرة على الصعيدين المحلي والإقليمي جراء تجاوزها العرف الدولي وتوفيرها منصة لميليشيا الدعم السريع والمتحالفين معها للتوقيع على الميثاق السياسي الممهِّد للحكومة الموازية، حيث يصف قادة أفارقة البادرة بالخطيرة لما لها من تأثيرات على مستقبل القارة الأفريقية، ومنظمتها الإقليمية التي ظلت تدعو إلى النهوض بالوحدة القومية الأفريقية، والالتزام بالعمل على التصدي للتحديات التي تواجه القارة السمراء وفي مقدمتها عدم الاستقرار السياسي والمؤسسي والعجز في الإدارة الاقتصادية، والتكامل، والفقر، والتهميش، وضعف التنمية، وفشل القيادة، وغيرها من القضايا والمشكلات التي تحاول أفريقيا الخروج من نفقها، بتنسيق الجهود والمواقف وتكامل الأدوار بمساندة الدول لبعضها البعض، وليس من خلال التدخل في شؤون الآخر، وعلى الصعيد الداخلي فإن المحكمة الكينية العليا قد أصدرت قراراً منعت بموجبه حكومة وليام روتو من توقيع أي اتفاق سياسي مع الجماعات المسلحة، محذرةً في الوقت نفسه من مغبة السماح لميليشيا الدعم السريع بعقد أي اجتماع للتفاكر أو التوقيع علي إعلان حكومة داخل الأراضي الكينية، وهو الأمر الذي دفع التحالف إلى اقتراح منطقة (كاودا) معقل الحركة الشعبية في جبال النوبة لتكون مقرَّاً للحكومة الموازية.
أهمية كاودا:
ومدينة كاودا المقترحة لتكون مقرَّاً للحكومة الموازية، يمسيها سكانها ” كابو” وتقع على بعد 100 كلم تقريباً شرق مدينة كادقلي حاضرة ولاية جنوب كردفان، وتبعد أقرب المدن إليها وهي هِيبَان حوالي 40 كلم شمالاً، ومدينة تلودي 80 كلم في اتجاه الجنوب الغربي، وأما السكان الأصليون لمنطقة كاودا فهم قبيلتا التِّيرَا والأطُورُو، ولكن في ظل ظروف الحرب في جبال النوبة، احتضنت كاودا عدداً من القبائل التي وفدت من المناطق المحررة، ومنذ العام 1983م، أصبحت كاودا خارج نطاق سيطرة الحكومة، عندما أعلن يوسف كوة مكي التمرد في وجه حكومة الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري، وانضمَّ للحركة الشعبية في جنوب السودان بقيادة دكتور جون قرنق، وكاودا التي حباها الله سبحانه وتعالى بطبيعة خلابة، تتميز بموقع جغرافي حصين، حيث تُشبَّه بمخلب القط نظراً لإحاطتها من كافة الجهات بسلسلة جبلية الأمر الذي يصعِّب من محاولة اختراقها.
الحلو في مرمى النيران:
ومنذ ظهور قائدها عبد العزيز الحلو ومخاطبته فعالية الاحتفال بتوقيع الميثاق السياسي في العاصمة الكينية نيروبي، ضجَّت أروقة الحركة الشعبية بثورة عنيفة ونشطت فيها بيانات الاستقالة من عديد القيادات التي انتقدت موقف الحلو الذي سقط قناع عمالته، وارتهان إرادته لدويلة الشر التي ما انفكت تمارس ضلالها بإصرارها المستميت على إطالة أمد الحرب وتدمير الدولة السودانية رغم قناعتها باندحار ميليشيا الدعم السريع وسقوطها المدوي أمام ضربات القوات المسلحة والقوات المساندة لها، ويرى المنتقدون لقائد الحركة الشعبية أن عبد العزيز الحلو حاد عن (منفستو) الحركة الشعبية ووضع يده في ميليشيا الدعم السريع التي لها تأريخ مظلم، وسجل سيئ للغاية في مجال حقوق الإنسان مع شعب جبال النوبة والشعوب الأصيلة الأخرى بما فيهم قبيلة المساليت التي ينحدر منها الحلو نفسه، حيث سعت ميليشيا آل دقلو بشكل مستمر من أجل تهجيرهم قسرياً، ومحاولة إحداث تغيير ديمغرافي يتيح لعرب الشتات الاستيطان في أراضي الشعوب الأصيلة سواءً في دارفور أو كردفان، هذا فضلاً عن الانتهاكات الفظيعة والجرائم المريعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع منذ ظهورها لأول مرة في دارفور تقاتل إلى جانب القوات الحكومية مما ترتب على ذلك فرض عقوبات على الرئيس المخلوع عمر البشير وآخرين من الذين تطالب بهم المحكمة الجنائية الدولية.
خوف وقلق:
وينتاب الكثير من مواطني ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة الخوف والقلق من أن يكون إعلان الحكومة الموازية في منطقة كاودا، خطوة لإشعال نار الفتنة، وإعادة منطقة جبال النوبة إلى مربع الحرب باعتبار أن الحكومة السودانية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الزخم السياسي والعسكري الذي يخصم من سيادتها، ويهدد وحدة أراضيها، وتشهد ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة حراكاً عسكرياً تحاول من خلاله القوات المسلحة استعادة المواقع التي وضعت عليها قوات الحركة الشعبية يدها خلال الفترة الماضية مستغلةً انشغال الجيش بمعركة الكرامة ضد ميليشيا الدعم السريع، وتشهد المنطقة منذ بواكير حرب الخامس عشر من أبريل 2023م تنسيقاً بين الحركة الشعبية والدعم السريع تمثل في إغلاق الطريق الرئيس الأبيض – الدلنج – كادقلي مما أدى إلى اختناق المنطقة وتعريض المواطنين إلى ضيق اقتصادي، وشظف في المعيشة.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ يبدو أن صعوبات كبيرة تواجه ولادة تشكيل الحكومة الموازية لميليشيا الدعم السريع وأعوانها من المتحالفين معها سياسياً وإثنياً، مما ينذر بفشل ذريع ينتظر هذا المشروع المواجه بضغوط محلية وإقليمية ودولية، وحسناً فعل حمدوك ورهطه ممن قاطعوا مبكراً فكرة الحكومة الموازية لقناعتهم أن (الجواب باين من عنوانو).