تنسيقية (تقــــــــــدم) .. النهاية!!

*ظلت جناحا سياسيا للميليشيا ونالت عداء الشعب …*

تقرير : محمد جمال قندول

بالتزامن مع انهيار الميليشيا المتمردة التي أصبحت قاب قوسين وأدنى من النهاية، انتهت (تقـــدم) تلك الحاضنة التي جملت الباطل لآل دقلو، وظلت جناحًا سياسيًا للتمرد مما أكسبها عداء الشعب السوداني.

أمس (الاثنين)، أسدل الستار على تحالف (تقـــــدم) تلك المسرحية سيئة الإخراج، وذلك بعد أن أعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية برئاسة عبد الله حمدوك حل التنظيم وانقسام التحالف إلى كيانين منفصلين وذلك عقب اجتماع قيادي.

وانقسم التحالف جراء الخلافات المحتدمة بين مجموعتين بسبب تشكيل حكومة موازية. وبحسب البيان المقتضب للتحالف السياسي للميليشيا، أن (تقـــدم) انقسمت لتيارين، وبالتالي رسميًا يعني ذلك حل التحالف خاصة وأن كل طرف سيمضي مساره سياسي وتنظيمي مختلف بحسب البيان تحت مسمى جديد، على أن تعلن كل مجموعة لاحقًا ترتيباتها وهويتها الجديدة.

تناقضات جوهرية

ويرى الخبير والمحلل السياسي والكاتب الصحفي د. عمار العركي أن ما جرى أمس لـ(تقـــدم) هو نتيجة متوقعة في ظل الفشل السياسي الذي ظل يلازم هذه المجموعة، إضافة إلى الاختراقات السياسية والدبلوماسية والتطورات الميدانية التي تمضي لصالح القوات المسلحة والانهيار التام الذي لحق بالميليشيا ساهم في هذا الانقسام إلى كيانين منفصلين وزاد من وتيرة الخلافات العميقة داخل معسكر القوى المدنية بشأن التعاطي مع الحرب التي أشعلوها وفشلوا في إدارتها.

ويشير محدّثي إلى أن تباين المواقف حول تشكيل حكومة موازية، يؤكد مجددًا هشاشة هذا التحالف الذي لا يجمع بينهم إلّا العمالة والمكاسب الشخصية.

الجناح الرافض لحكومة المنفى هم بالأساس اقتنعوا بتجربتهم الفاشلة في الإدارة المدنية للمناطق التي كانت تحت سيطرتهم في ظروف وأوضاع ملائمة، أما التيار المتمسك بتشكيل حكومة منفى فهو في غالبه تيار دارفوري يعتقد بأن تشكيل حكومة منفى يمنحهم فرصة للبقاء السياسي في المشهد برافعة ملف دارفور، إضافة إلى أن بعضهم بالأساس تمرد على كيانات وحركات دارفورية تقاتل بشراسة الميليشيا في دارفور مما يجعل مستقبلهم السياسي والاجتماعي في السودان والجوار الدارفوري أشد حرجًا من مستقبل التيار الرافض.

وبحسب د. عمار فإنّ الانقسام يعكس تناقضات جوهرية بين مكونات “تقـــدم” حول الاستراتيجية المناسبة لإدارة الصراع السياسي في ظل الحرب الدائرة، حيث يرى تيار داخلها أن تشكيل حكومة موازية يمثل ورقة ضغط سياسي على السلطة القائمة وقد يسهم في إعادة ترتيب المشهد لصالح القوى المدنية، بينما يرفض تيار آخر هذه الخطوة، معتبرًا أنها تعزز الانقسام وتفتقر إلى الأدوات التنفيذية الحقيقية، مما قد يجعلها مجرد تحرك رمزي لا تأثير له على أرض الواقع، كما أن هناك اختلافات بشأن الرهانات السياسية، إذ تراهن بعض الأطراف داخل “تقــدم” على التفاوض كوسيلة لإيجاد تسوية سياسية، في حين تتبنى أطرافًا أخرى نهج المواجهة السياسية المباشرة سواء عبر التصعيد الإعلامي أو السعي لخلق كيانات موازية.

وتبرز كذلك الخلافات حول العلاقة بالقوى الإقليمية والدولية، حيث ينقسم الموقف بين من يرى ضرورة الانخراط في المبادرات الخارجية ومن يتحفظ على الضغوط الدولية.

هذه الانقسامات من شأنها مزيد من إضعاف قدرة “تقــدم” على التأثير في المشهد السياسي، حيث تفقد التنسيقية وزنها كتحالف موحد، مما يجعلها أقل تأثيرًا في التوازنات السياسية، كما أنها تمنح القوات المسلحة فرصةً أكبر في السيطرة السياسية بجانب العسكرية دون ضغوط حقيقية من جبهة مدنية موحدة.

الحياة السياسية

يرى د. عبد العزيز الزبير باشا الخبير الاستراتيجي والمتخصص في إدارة المخاطر أنّ عملية فك الارتباط في مجموعة (تقـــــزم) أذناب التمرد الخونة ما هي إلّا هراءٌ سياسي، والدليل البيان التآمري الواضح تجاه الوطن ومؤسساته والادعاء الكذوب اتجاه القوات المسلحة.

وعليه فإن الهدف هو إبقاء جسم متوازي من أذناب التمرد الخونة في حالة فشل قيام حكومتهم المزعومة خارج معادلة الفشل، ويكون هذا الجسم هو المرابط لداعمي التمرد الإرهابي والمنظمات الداعمة، وأيضًا يأمل هذا الجسم المتهالك العودة إلى معادلة الحياة السياسية السودانية على أشلاء ضحايا الشعب السوداني في الحرب الوجودية.

الأغرب أنهم يتناسون جيدًا أن الشعب هو الوحيد الذي حكم عليهم بالهلاك، والدليل أنهم أصبحوا ملفوظين تمامًا ولن يقبل بهم الشعب السوداني الذي ضحى بدماء طاهرة روت تراب هذا الوطن الشامخ أبدًا، لذلك أكبر حائط صد لهم هو الشعب نفسه.

عمليًا، لن يكون أمام أذناب التمرد الإرهابي سوى لفظ التمرد نفسه وخسارة داعميهم لسوء فشلهم في تحقيق غاية الحلقة المفقودة العدو الرئيسي للسودان ومؤسساته.
إذن، أذناب التمرد أصبحوا في حالة الموت المفرغ والسحق الدائم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى