حقا، الجهل مصيبة، والجاهل عدو نفسه قبل أن يكون عدو غيره. فكما قلنا بالأمس، تعاني الحركة الرياضية السودانية، وخاصة كرة القدم، من سيطرة مجموعة من الجهلاء الذين ملأوا الساحة. هؤلاء ليسوا فقط كُثر، بل ناشطون ومسيطرون، ومن بينهم فاسدون ومفسدون يدّعون الفطنة والذكاء، وهم أبعد ما يكون عن ذلك.
إن أحد الأسباب الرئيسية لتدهور كرة القدم السودانية هو غياب الرقابة الفعالة ووجود ثغرات قانونية تسمح للفاسدين بالبقاء في مواقعهم لفترات طويلة. إضافة إلى ذلك، فإن ضعف المؤسسات الرياضية وتغلغل السياسة في الرياضة جعلا من الصعب على الكفاءات الحقيقية الوصول إلى مواقع القرار. استغل هؤلاء الفاسدون الفراغ وغياب أصحاب الشأن الحقيقيين من الشرفاء الصادقين لتحقيق مصالحهم وأغراضهم الخاصة. الأدلة على ذلك كثيرة، موثقة بالوثائق والمستندات، ونحن جميعا شهدنا تلك الوقائع والمواقف المخجلة التي كشفت عن فسادهم، والذي لا يمت بأي صلة للمصلحة العامة.
لن تنصلح الحركة الرياضية السودانية في ظل وجودهم، إذ إن بعضهم يحتمي بعضوية الحزب الحاكم، أيا كان نوعه، مما يمنحهم غطاءا سياسيا يحميهم من المحاسبة. وتكثر الأمثلة، خاصة داخل الاتحادات الرياضية، وعلى رأسها اتحاد كرة القدم السوداني، حيث يستغلون الأوضاع التي تمر بها البلاد، مستبقين بذلك العملية الانتخابية القادمة في الاتحاد العام.
لكن إذا كان الفساد متجذرا في الرياضة السودانية، فما الحل؟ هناك عدة خطوات ضرورية لإصلاح الوضع، منها تعزيز الشفافية والمساءلة بفرض رقابة صارمة على الإدارات الرياضية، ونشر تقارير مالية وإدارية دورية لمحاسبة المسؤولين. كما أن إصلاح القوانين الرياضية أمر لا بد منه، حيث يجب تعديل القوانين الانتخابية في الاتحادات الرياضية لضمان منع الفاسدين من الترشح، واعتماد معايير واضحة لاختيار المسؤولين.
إلى جانب ذلك، لا بد من تمكين الكفاءات الحقيقية، ودعم القيادات الرياضية الشريفة والمؤهلة، ومنحها الفرصة لإدارة شؤون الكرة السودانية بعيدا عن التدخلات السياسية والمصالح الشخصية. ولا يمكن إغفال دور الإعلام والجمهور، فهما عنصران أساسيان في كشف الفساد والضغط من أجل إصلاح حقيقي، عبر التوعية والتغطية الإعلامية المستمرة.
لا يمكن أن تستعيد الكرة السودانية مجدها إلا إذا اجتمع الشرفاء لمواجهة هذا العبث. الحل يبدأ بتفعيل القوانين، ومحاسبة المفسدين، ودعم الكفاءات الحقيقية في الاتحادات الرياضية. على الجميع، من جماهير وإعلاميين ورياضيين، أن يكونوا جزءا من هذه المعركة لاستعادة نزاهة الرياضة السودانية.
*فهل نحن مستعدون لهذه المواجهة؟*