قبل المغيب – دكتور عبدالملك النعيم احمد – وزارة الخارجية…الدور المرتجي

شهدت وزارة الخارجية عقب التغيير الذي حدث عام 2019م تراجعاً كبيراً في دورها في العمل الخارجي الذي كانت البلاد في أمس الحاجة إليه ليس فقط بسبب تجاوزات ما سميت بلجنة إزالة التمكين وماهي الا لجنة لتمكين من نوع آخر لمجموعة من الأحزاب الصغيرة لا تتجاوز عضويتها الفاعلة أصابع اليد الواحدة ..وهي احزاب لم تكن لها من القاعدة ما تؤهل أعضائها لمثل هذه المواقع إلا في الظروف الإستثنائية التي أعقبت التغيير ولكن أيضاً ضعف دور وزارة الخارجية بعد أن تقلد المناصب العليا فيها شخصيات ليست لها خبرة بالعمل الدبلوماسي وجاءت بها أحزاب تمكين مابعد التغيير وليتها إختارت من هم بقامة المنصب والموقع تأهيلاً وخبرة ممن ينتمون إليها ولكن أنها دفعت بما رأت انه أهل للمنصب حسب تقديراتها…
يضاف لذلك ماقامت به اللجنة من تجريف بشري لوزارة الخارجية بإيقاف وفصل مايزيد عن المائة دبلوماسي وإداري بينهم اكثر من خمسين دبلوماسيا كثير منهم كان يترأس البعثة الدبلوماسية في بلدان لها أهميتها بالنسبة للسودان الشيئ الذي احدث ثغرات وفراغات مازالت تعاني منهما الوزارة إلي يومنا هذا..زد علي ذلك إستدعاء من غابوا عن الوزارة لأكثر من ثلاثين عاما وانقطعوا عن العمل الدبلوماسي واشتغلوا في مهن أخري لا علاقة لها بالعمل الدبلوماسي …ولعل الأدهي وأمر أن كثيرين منهم يحملون جوازات سفر أجنبية كيف بهم أن ينافحوا ويدافعوا عن السودان أمام دول يحملون جوازاتها بالتجنس وعينهم علي الرجوع إليها متي ما تغير وضعهم في السودان وهذا ما حدث بالضبط بعد تغيير 25 أكتوبر 2024م…
ما سميت بلجنة إزالة التمكين طالت قراراتها كل الخدمة المدنية والتي هي مازالت تشهد ضعفا وتقهقرا في الآداء بسبب الفصل التعسفي دون بينات فقط بإتهام الإنتماء السياسي..فقد إحتكرت اللجنة سلطة الاتهام والتحري والحكم بالمصادرة للممتلكات والاعتقال والسجن كل ذلك تم من غير حكم قضائي رغم شعار العدالة المرفوع وقد كانت إعترافات عضو اللجنة العقيد عبدالله سليمان قاصمة الظهر لها بما اكده من سرقة ونهب للمال العام دون مسوغ وذكر بالاسم الذي نهبوا المال العام بالإضافة إلي شهادة وزيرين للمالية في عهد اللجنة بأنهم لم يتسلموا الأموال التي صادرتها اللجنة ولم تدخل إلي الخزينة العامة الأمر الذي يستوجب فتح بلاغات لإسترداد المال العام وارجاع الحقوق إلي أصحابها
إنتبهت أخيراً القيادة العليا في الدولة إلي إهمية إصلاح وزارة الخارجية وإعادة دورها الذي فقدته وحسناً فعلت بإختيار الشخص المناسب ووضعه في المكان المناسب وذلك بتكليف السفير الدكتور علي يوسف الشريف وليت القرار يصدر بتعيينه وزيرا بالأصالة وليس بالتكليف لما يتمتع من مؤهلات عالية وخبرة دبلوماسية ثرة بدات منذ أوائل السبعينات كادرا دبلوماسيا بوزارة الخارجية بعد أن تخرج من ام الجامعات..جامعة الخرطوم وعمل بعدد من الدول قبل أن يصبح سفيرا ومفوضا….فقد عمل سفيرا ومفوضا ورئيسا لبعثة السودان في ثلاث محطات بدرجة عالية من الأهمية بالنسبة للسودان…حيث كان سفيرا في جمهورية الصين الشعبية وبجهده تم إستغلال البترول السوداني بواسطة الشركات الصينية ومعلوم ما أحدثه إستغلال البترول من تغيير في الإقتصاد السوداني فضلا عن تدافع الشركات الصينية للإستثمار في السودان في عدة مجالات والتطور الكبير في العلاقات السودانية الصينية…ثم سفيرا في بروكسل حيث مقر الاتحاد الأوروبي وكان مندوباً للسودان في الاتحاد الأوربي واحدث إختراقا كبيرا رغم كيل دول الإتحاد الأوروبي بمكيالين فيما يتعلق بعلاقات دوله بالسودان وكانت جمهورية جنوب إفريقيا آخر محطاته حيث الأهمية السياسية لتلك الدولة ليس فقط في إفريقيا وإنما علي المستوي الإقليمي والدولي..فقد جاء الدكتور علي يوسف الي الوزارة مزودا بخبرة طويلة ومتنوعة ويحمل رؤية واضحة لتطوير العمل الخارجي وقد بدأت بوادرها بالتحركات النوعية ونشاطه المستمر بالزيارات الخارجية واللقاءات الهامة التي اجراها حتي بدأت فعليا قبل وصوله للبلاد في اول اسبوع لتعيينه بلقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير احمد ابوالغيط ووزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي واللذان زارا السودان بعد ذلك لإكمال ما بدأه الوزير من نقاش في القاهرة بشأن السودان ودعمه في هذه الظروف…
فقد ذكر معالي الوزير أن خطة عمل قد بدأت بالفعل لإعمار علاقات السودان بدول الجوار وفي اوقات سابقة زار كينيا واثيوبيا وبالأمس إختتم زيارة رسمية لكينيا إلتقي خلالها بوزير الخارجية الكيني حيث تم الاتفاق علي تشكيل لجنة للتشاور السياسي وللزيارات المتبادلة بغرض اعادة السودان لعضوية الاتحاد الافريقي الذي كان السودان من مؤسسيه عندما بدأ في أوائل الستينات كمنظمة للوحدة الإفريقية قبل أن يتحول إلي الإتحاد الإفريقي عام 2000م
وقد أحدث الوزير الدكتور علي يوسف إختراقا نتوقع جني ثماره قريبا ولعل التوجيهات لرؤساء البعثات الدبلوماسية بالخارج وعقد المؤتمرات الصحفية لكشف جرائم التمرد والإنتهاكات التي إرتكبتها المليشيات قد عدلت الكثير من الصور المقلوبة وجاءت الإدانات الدولية بتصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية كثمرة للجهد الدبلوماسي…وقريبا ستتم زيارات خارجية نوعية لإيران وغيرها من الدول التي لها علاقات سابقة مع السودان تبدو من الأهمية بمكان في هذا التوقيت….
وأخيرا وليس آخرا فقد بدأ الوزير في مليء الفراغ الدبلوماسي بالخارج بتعيين سفراء ورؤساء بعثات وقد تسلم بعضهم مهامه بالخارج ولكن مازال الكثيرون ينتظرون والدولة بحاجة لوجودهم بالخارج فعلي القيادة السياسية دعم الوزارة لأنها تمثل العمود الفقري لعلاقات السودان الخارجية والتي تحتاج لأذرع مساعدة كالعمل القانوني والإعلامي الذي أفردنا له ثلاث مقالات بالإضافة للفعل السياسي الداخلي الذي يجب ان يكون داعماً للعمل الخارجي وليس خصماً عليه أو محاولة تشويش دوره من غير قصد او رؤية…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى