وقطع البرهان قول كل خطيب،، التفاوض مع الميليشيا،، انتهت اللُعبة..

البرهان: لا تفاوض ولا صلح ولن نقبل بالذين وقفوا مع التمرد..

ارتياح في الأوسط السودانية لإغلاق الباب أمام التفاوض مع المتمردين..

عدم جدية الميليشيا فضحه نكوصها عن تنفيذ مخرجات منبر جدة..

حاولت المتمردون شراء الوقت في جدة، لقناعتهم بكسب الحرب..

رفض الجيش التفاوض في أسوأ ظروفه، فكيف يقبله في أفضل حالاته!..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

لقيت تصريحات رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بشأن رفضه التفاوض أو الصلح مع ميليشيا الدعم السريع، ارتياحاً في الأوساط السودانية بالداخل والخارج، عطفاً على ما اقترفته أيادي الميليشيا المتمردة وأعوانها من انتهاكات مريعة، وجرائم فظيعة، ارتكبتها في حق الشعب السوداني، وكان البرهان قد قطع قول كل خطيب، ونزع فتيل أي محاولات لإعادة الساعة إلى الوراء وقبول عودة من وقفوا مع المتمردين، وساندوهم في حربهم الوجودية ضد القوات المسلحة والشعب السوداني، وأكد رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة، أن السودان سيكون قريباً جداً خالياً من المتمردين، مبيناً أن القوات المسلحة تدافع عن السودانيين، وتقاتل من أجل أن يعيش الشعب السوداني، مجدداً عدم التفاوض أو الصلح أو القبول بالذين وقفوا مع التمرد.

موقف قديم:
للوهلة الأولى يمكن قراءة تصريحات الفريق عبد الفتاح البرهان القوية، بأنها تنطلق من الموقف القوي للقوات المسلحة والقوات المساندة لها والتي أصبحت تمسك زمام المبادرة في مختلف محاور وجبهات القتال، خاصة في ظل الانتصارات الساحقة والمتلاحقة التي حققتها على ميليشيا الدعم السريع، وإذاقتها ألواناً من الهزائم والانكسارات، وتجريعها كؤوساً مريرة من الإخفاقات والخيبات، بيد أن الواقع يقول بعكس ذلك، إذ إن موقف القوات المسلحة الرافض للحوار مع ميليشيا الدعم السريع لم يكن جديداً، فقد رفض الجيش مبدأ التفاوض مع ميليشيا آل دقلو وهي تسيطر على معظم ولاية الخرطوم، ودارفور، والجزيرة، وسنار وشمال وجنوب وغرب كردفان، وتحاول التمدد في ولايات القضارف، النيل الأزرق، والنيل الأبيض.

لاءات كباشي:
ولا تنسى ذاكرة الحرب، صوراً من المواقف الرافضة للتفاوض مع ميليشيا الدعم السريع المتمردة والتي ظلت تقول بها قيادة القوات المسلحة، في أكثر من مناسبة، وغير ما مرة، ولعل أشهر فصول رفض التفاوض مع الميليشيا كانت اللاءات التي أطلقها الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة، نائب القائد العام للقوات المسلحة في ديسمبر من العام الماضي 2024م، من داخل مصنع سكر سنار الذي استرده الجيش، حيث أغلق كباشي باب التفاوض بالضبة والمفتاح أمام ميليشيا الدعم السريع، قاطعاً بأنه لن يكون هناك وقف لإطلاق نار أو هُدن، مبيناً أن ميليشيا آل دقلو المتمردة استغلت وقف إطلاق النار المؤقت والهدن السابقة، لتقوية موقفها العملياتي وللتدمير، مطالباً المتمردين بتسليم السلاح والمنهوبات والتجمع في معسكرات، وأكد كباشي أن المسار السياسي لا صلة له بالمسار العسكري، فالحسم أولاً، ثم إغلاق الملف العسكري، وبعد ذلك تتم مناقشة القضايا الأخرى.

منبـر جـدة:
وبعد حوالي ثلاثة أسابيع من اندلاع الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع بتمردها على القوات المسلحة في 15 أبريل 2023م، قبلت الحكومة السودانية بالجلوس مع الميليشيا المتمردة في منبر جدة، الذي نُظِّم برعاية المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، حيث انطلقت المفاوضات في 6 مايو 2023م، وانتهت في 11 مايو 2023م، ونصّ الإعلان الختامي للتفاوض على 7 بنود، أهمها الالتزام بحماية المدنيين كشرط أساسي، والالتزام بسيادة السودان، ووحدته، والالتزام بضمان حماية المدنيين السودانيين في جميع الأوقات، والسماح بمرور آمن للمدنيين في السودان لمغادرة مناطق الأعمال العدائية، والامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية، وإجلاء الجرحى والمرضى دون تمييز، والامتناع عن الاستحواذ واحترام وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة، كالمرافق الطبية والمستشفيات ومنشآت المياه. والكهرباء، والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية

عدم جدية:
ويبدو أن ميليشيا الدعم السريع المتمردة لم تكن جادة في التفاوض، ولم تصل إلى جدة إلا لشراء الوقت، حيث كانت لديها قناعة راسخة أن حسم الجيش وكسب رهان الحرب في متناول يدها عطفاً على سيطرتها شبه الكاملة على الخرطوم 90% كما كان يدَّعي مستشاروها، الذين كانوا واثقين تماماً من أن حصار القيادة العامة سينتهي بانهيار الجيش والقبض على قادته وإعلان حميدتي أميراً لمملكة دقلو السودانية، ولكن القوات المسلحة قلبت الطاولة في وجه ميليشيا الدعم السريع وأعوانها وداعميها بفضل مهنية الجيش واستراتيجيته التي اتخذها في بواكير الحرب بإدارة المعارك طبقاً لمراحل تُبنى على الموارد المتيسرة والمنتظر تيسيرها، مع المحافظة على مبدئي التوازن والاقتصاد في القوى، فشكَّل هذه التطور ضغطاً على الميليشيا التي أُسقط في يدها بعد أن وجدت نفسها في حالة تراجع مستمر فقدت بموجبه معسكراتها ومقراتها الاستراتيجية، فرفضت بالتالي تنفيذ مخرجات منبر جدة، بل فعلت العكس بالتمدد في مناطق أخرى خارج العاصمة، واستمرت في انتهاكاتها وارتكاب جرائمها ضد المدنيين بدلاً عن حمايتهم.

خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر يبقى موقف الجيش الرافض للتفاوض والحوار مع ميليشيا الدعم السريع، ينطلق من قناعته بعدم جديتها، ورفضها تنفيذ مخرجات منبر جدة، وبالتالي ليس أمام المتمردين إلا تنفيذ واحد من أمرين أحلاهما مرُّ، إما الاستسلام، أو الموت، فقد انتهت اللُعبة، وقال الشعب كلمته ونطق بلاءاته الثلاث: لا تفاوض، لا هدنة، لا مسار سياسي، لتبقى الكلمة الفصل منطلقة من فوهات بنادق القوات المسلحة والقوات المساندة لها في الميدان، فالفرصة تأتيك مرةً واحدة،، وعاجزُ الرأي مضياعٌ لفرصته، حتى إذا فاته أمرٌ عاتب القدرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى