خبر وتحليل – عمار العركي – عودة ترامب: فرصة السودان لإعادة ترتيب العلاقة مع واشنطن

أدلى وزير الخارجية د. “علي يوسف”، بتصريحات هامة عقب تنصيب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، أكد فيها أن السودان وضع رؤية استراتيجية للتعامل مع الولايات المتحدة، معبّراً عن تطلع السْودان إلى حوار إيجابي مع إدارة ترامب. كما أشار الوزير إلى أن الحكومة تعتزم المطالبة بإلغاء العقوبات الأمريكية المفروضة على رئيس مجلس السيادة “عبد الفتاح البرهان”، رغم استبعاده أي مراجعة فورية لهذه العقوبات.

هذه التصريحات تسلط الضوء على توجه السودان لاستغلال التحولات السياسية في واشنطن، خصوصاً مع عودة ترامب، الذي لطالما عُرف بنهجه البراغماتي. فهل يمكن للسودان تحقيق تقدم في ملف العلاقات الثنائية تحت مظلة رؤية استراتيجية جديدة؟ وما هي فرص وعوامل تحقيق ذاك التقدم؟

الثوابت الاستراتيجية الأمريكية وأبعادها في عهد ترامب

رغم تغيّر الإدارات، تظل السياسة الخارجية الأمريكية قائمة على ثلاث ركائز أساسية: رعاية ودعم التطبيع مع إسرائيل ضمن مشروع “صفقة القرن”، مكافحة الإرهاب ، والحد من النفوذ الروسي والصيني. إلا أن ترامب يتميز عن سابقيه بنهجه البراغماتي الذي يركز على المصالح المباشرة والنتائج الاقتصادية.

في ملف التطبيع،، بالرغم خطوات البدايات الأولي في هذا الإتجاه فترة سُلطة حُكم الشراكة الإنتقالي ،قد يكون السودان على موعد مع ضغوط أكبر لتسريع خطواته، خاصة أن هذا الملف يشكل أولوية لدى إدارة ترامب. أما في مكافحة الإرهاب، فإن الموقع الجيوسياسي للسودان على البحر الأحمر ودوره الإقليمي وإرثه ورصيده التراكمي يجعل منه شريكاً محتملاً في جهود واشنطن في مكافحة الإرهابو،. وبالنسبة للنفوذ الروسي والصيني، فإن أي تعمق سوداني في علاقاته مع هاتين القوتين سيُنظر إليه بعين الريبة في واشنطن، ما قد يُعقد مسار التفاهمات الثنائية ، إلا إذا أدار السُودان علاقته ومصالح مع روسيا والصين بتوازن وحنكة إستراتيجية تكسبه ثقة القوتين المتنافستين.

انعكاسات عودة ترامب على السودان

عودة ترامب قد تمثل فرصة للسودان لتخفيف حدة التوتر التي سادت علاقته مع إدارة بايدن. فتصريحات وزير الخارجية تعكس الإدراك بأهمية هذا التحول و الإستعدادها لإستثمار المرونة المتوقعة في سياسات ترامب.

ورغم ذلك، فإن الطريق ليس مفروشاً بالورود. العقوبات المفروضة على البرهان تُظهر أن واشنطن لن تتنازل بسهولة عن ضغوطها، حتى مع تغير القيادة. لكن تصريحات الوزير السوداني تشير إلى وجود قنوات دبلوماسية غير مباشرة مع شخصيات قريبة من الحزب الجمهوري، مما يعكس حرص السودان على بناء تفاهمات تضمن مصالحه الوطنية.

إضافة إلى ذلك، يظل ملف التطبيع مع إسرائيل أحد أكثر القضايا حساسية. ترامب قد يرى في السودان شريكاً مهماً لاستكمال “صفقة القرن”، مما يفتح الباب أمام دعم اقتصادي محتمل.

السيناريوهات المتوقعة للعلاقة بين السودان والولايات المتحدة

السيناريو الأول_ :

شراكة إيجابية تقوم على تخفيف العقوبات وتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني، بشرط تقديم السودان خطوات ملموسة في ملفات التطبيع ومحاربة الإرهاب.

السيناريو الثاني :
تعاون محدود مشروط، حيث تستمر العلاقة مع قيود تتعلق بتحسين سجل حقوق الإنسان، وإدارة النفوذ الروسي والصيني بعناية.

السيناريو الثالث:
استمرار التوتر إذا لم تُقدم الخرطوم تنازلات مرضية لواشنطن، أو إذا استمر تقاربها مع روسيا والصين بما يتعارض مع المصالح الأميركية.

خلاصة القول ومنتهاه

تصريحات وزير الخارجية السوداني بشأن رؤية استراتيجية للتعامل مع واشنطن تفتح نافذة أمل لإعادة ترتيب العلاقة مع الولايات المتحدة في عهد ترامب. لكن تحقيق هذه الرؤية يتطلب قراءة دقيقة للسياسات الأمريكية الجديدة ومرونة دبلوماسية تضمن مصالح السودان دون تنازل عن سيادته. العودة الأمريكية إلى نهج براغماتي في عهد ترامب قد تمنح الخرطوم فرصة لتخفيف العقوبات وتعزيز التعاون، شريطة أن تتقن إدارة التوازنات الدولية والإقليمية في وقت تتغير فيه معادلات القوى عالمياً.

Exit mobile version