وجهت ساحل العاج صفعة جديدة الى حليفتها ومستعمرتها فرنسا.. باعلان الرئيس الايفواري الحسن واتارا خروج القوات الفرنسية من بلاده هذا الشهر خلال خطاب استهلال للعام الجديد.. لتنضم بذلك الى قائمة تحوي كلا من ساحل العاج التي اعلن كذلك رئيسها الشاب في خطاب ألقاه بمناسبة العام الجديد “إنهاء كل الوجود العسكري للدول الأجنبية في بلاده اعتبارا من 2025″.
وسبقتهم اقوى حليف لفرنسا ” تشاد” التي الغت اتفاقية الدفاع المشترك.. اما الضربة الموجعة لباريس فكانت من بوركينا فاسو (طردت العسكريين والدبلوماسيين وقطعت العلاقات معها) والنيجر الذي اطاح قائدها تيجاني ، الرئيس محمد بازوم وطرد السفير الفرنسي وقواته.. وقام بإلغاء كل اتفاقيات التعاون العسكري معها.. وكذلك اشهرت مالي وافريقيا الوسطى، البطاقة الحمراء في وجه فرنسا.
ان المتغيرات المتسارعة باطباق الايادي السمراء، على رقبة باريس.. وبدء تصدع الجدار السياسي لقصر الاليزية، ليست ببعيدة عن الاوضاع في السودان.. فبعض تلك الدول جيران لنا مثل افريقيا الوسطى وتشاد واخرى ، (جيران جيراننا) مثل النيجر وجارتها الغربية مالي.. ان صراع النفوذ في افريقيا.. بدخول لاعبين كبار للملعب الاسمر مثل روسيا والصين وطامحين جدد مثل تركيا والهند والبرازيل لم يواكبه السودان بالشكل الجدي.
في تقديري ان ضعف تعاطي السودان مع الهبة والصحوة الافريقية تجاة فرنسا.. يعود الى البطء البائن والذي يلازم اداء سفير السودان لدى باريس ومندوبه باليونسكو خالد فرح.. وهو على الصعيد الشخصي رجل ودود ومحترم.. ولكن كان المأمول ان يقوم بدور اكبر في محطة مهمة مثل باريس.. تأذى منها السودان كثيرا في سنوات سابقة ولا يزال على الاقل باستضافتها للمتمرد عبد الواحد نور.
لم يستفيد السودان بالشكل المطلوب من خبرة فرح – وإن شئنا الدقة عجز في توظيفها لمصلحة البلاد – رغم انه سبق له العمل سفيرا بفرنسا.. ولم يسخر اجادته للغة الفرنسية.. في عقد المؤتمرات الراتبة لفضح الجنجويد وتوضيح الصورة بشكل كامل واشمل حول مايجري في السودان.. كانت الفرصة كبيرة امام السودان ليظهر للعالم من على منصة فرنسا الدولى العظمى وعضو مجلس الأمن.
سيما وان بريطانيا غادرت البيت الاوربى.. وحالنا بائس مع الدولة الاولى ذات الثقل في اوربا (المانيا).. بسبب سفيرة السودان ببرلين الهام شانتير، غير المنفعله بالقدر المطلوب مع الأوضاع التي تمر بها بلادنا.. ولا تأبه كثيرا بذلك.. وهنا يكمن الضعف والتراخي.. كان بمقدور السفير فرح تسخير قلمه – وهو كاتب صحفي – ليكتب كيف ان النخب السياسية الحاكمة في افريقيا بدات في التمرد على فرنسا. اما لصحوة ضمير او لظهور أجيال إفريقية جديدة أكثر وعياً،.. وكيف ان بندقية فرنسا في افريقيا لم تحميها.. ولا الهيمنة الاقتصادية.. ولا حتى لغتها التي يجيدها السفير، لم تشفع لها.
اضاع السفير خالد فرصة تحريك ملف الاثار والمتاحف التي دمرتها المليشيا.. والثقافة التي سعت لمحوها مستفيدا من مكانة فرنسا الثقافية والسياحية العالمية ومن وجود اليونسكو على اراضيها.. وهو ملف كان سيجبر المجتمع المدني الدولي والفرنسي على وجه الخصوص للتعاطف مع السودان او دعمه.. او يحرك ادارة ماكرون لتغيير سياستها تجاهنا او على الاقل تليين مواقفها.
كنا ننتظر من السفير (فرح) ان (يسعدنا) برؤية تمكن السودان من استثمار تراجع النفوذ الفرنسي.. وان يودع رسائل تحمل تهديدا مبطنا في بريد ماكرون ان السودان سيتوجه نحو القوى المناوئة له.. في ظل بروز منافسين جدد في الساحة الإفريقية.. لأن اللغة لغة مصالح والمناورة مطلوبة لكن الابداع مفقود وكذلك المبادرات.. انتظرنا طويلا ان نشهد نشاطاً معقولاً، للسفير سياسياً واقتصادياً وثقافياً.
ذلك لعلمنا بموقف فرنسا من اجراءات الرئيس البرهان في اكتوبر 2021.. لكن الحرب ” صفرت العداد” .. كما ان ارجل فرنسا كل يوم تغطس في اوحال افريقيا.. والتي كان النفوذ في جزء كبير مقصوراً عليها.. كانت ردة فعل السفير خالد ضعيفة تجاة وجود قحت في باريس ومشاركتها في مؤتمر.. واستغربت وقتها.. اما ان يستمر ذلك الحال الضبابي والمستسهل بعد ما رأيناه من دول افريقية كان قادتها (يحجون) الى قصر الاليزية فذاك امر يحتاج التدخل السريع من قيادة الدولة والوزارة
ومهما يكن من امر.. اعتقد آن الاوان ان يشكر وزير الخارجية د. علي يوسف ، السفير خالد، على الفترة التي امضاها في باريس.
osaamaaa440@gmail.com