إخلاص عوض يس تكتب : التعليم: طريق النهضة و مفتاح تقدم الأمم

مسارات الوطن

في الذكرى التاسعة والستين لاستقلال السودان نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لشعبنا الأبي شعب النضال والصمود الذي صنع مجد الاستقلال بدمائه وتضحياته. وفي هذا اليوم المجيد، نقف عند أعظم القضايا التي تُبنى عليها نهضة الشعوب التعليم :ذاك النور الذي يبدد ظلمات الجهل ويقود الأمم نحو التقدم والازدهار.

قال الله تعالى: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ” (الزمر: 9). هذه الآية ترسّخ بوضوح أن العلم هو الميزان الذي يُقاس به التمايز بين الأمم والأفراد. فالتعليم لا يقتصر على اكتساب المهارات، بل هو الوسيلة التي تعبر بها الشعوب من واقع التخلف إلى آفاق الريادة.

بين العلم والجهل: مقاربة مفصلية
عندما ننظر إلى التاريخ، نجد أن الفارق الأساسي بين الأمم الناجحة وتلك التي تعاني هو مستوى التعليم. الجهل، من جهة، يعمّق الانقسامات ويُغذي النزاعات ويُبقي الشعوب حبيسة واقعها المتأزم. أما التعليم، من جهة أخرى، فهو الذي يمنح الإنسان القدرة على الفهم والتحليل والإبداع، وهو السبيل الوحيد لكسر قيود التخلف وتحقيق التقدم.

خذ على سبيل المثال اليابان، التي خرجت من دمار الحرب العالمية الثانية لتصبح واحدة من أعظم القوى الاقتصادية في العالم، كل ذلك بفضل التركيز على التعليم كركيزة للتنمية. لم تكن الموارد الطبيعية هي السبب، بل العقول المستنيرة التي استثمرت في المعرفة. مثال آخر هو سنغافورة، التي تحولت من جزيرة فقيرة إلى مركز عالمي للتكنولوجيا والتعليم في غضون عقود قليلة، بفضل نظام تعليمي صارم يركز على الابتكار والتميز.

على النقيض، فإن الأمم التي أهملت التعليم غرقت في مستنقعات الفقر والنزاعات. كثير من مشكلات السودان اليوم تعود إلى غياب التعليم الجيد وانتشار الجهل الذي يُغذي التطرف والانقسام.

امتحانات الشهادة السودانية: بارقة أمل
نرى أمامنا مشهدًا يعكس الأمل في مستقبل أفضل. هؤلاء الطلاب ليسوا مجرد ممتحنين، بل هم شعلة الأمل التي تحمل السودان نحو غدٍ مشرق. إن اجتهادهم في ظل الظروف الصعبة يؤكد أن السودان، رغم كل شيء، يملك طاقات عظيمة تنتظر من يستثمر فيها.

لكن التعليم لا يزدهر في بيئة منغلقة على نفسها. فكما أن التعليم يحرر العقول، فهو بحاجة إلى مجتمع يدعمه ويعطيه الأولوية. يجب أن نخلق بيئة تعلي من شأن العلم وتكافئ المتميزين، وأن نربط التعليم بالتنمية عبر خطط مدروسة تستجيب لحاجات الحاضر وتطلعات المستقبل.

دعوة للتغيير
إن استقلال السودان ليس مجرد ذكرى، بل مسؤولية. مسؤولية أن نضع التعليم في قمة أولوياتنا الوطنية. قال الله تعالى: “وَقُلْ رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” (طه: 114)، فهذا الدعاء ليس مجرد كلمات، بل هو دعوة للعمل والاجتهاد من أجل العلم الذي يصنع الحضارات.

علينا أن نتعلم من الأمم التي سبقتنا، وأن ندرك أن النهضة تبدأ من الفصل الدراسي، ومن قلم طالب صغير يكتب أحلامه على ورقة الامتحان. لنخرج من دائرة الجهل إلى آفاق العلم، ولنكن على يقين بأن السودان قادر على النهوض إذا جعلنا من التعليم مشروعًا وطنيًا شاملاً.
كل عام وشعبنا أقرب إلى نور المعرفة، وكل عام وسوداننا أقرب إلى تحقيق آماله وطموحاته بمستقبل مشرق ومستقر.

Exit mobile version